الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

حماس تقفز من المركب الإيراني السوري

انتشرت الثورات العربية انتشار النار في الهشيم، حطمت ممالك وديكتاتوريات وأتت على طموحات الحكم الأبدي لكل من يؤله ذاته ولا يقبل بالعيش كمواطن عادي وإنما رئيس دولة فقط، ولكل ثورة خصوصياتها ومعطياتها وبداياتها ونهاياتها التي تنفرد بها كليا عما عداها من  الثورات، ولكن كل الثورات العربية اتفقت في شيء واحد وهو التخلص من الظلم الجاثم على صدور المواطنين الأحرار منذ عقود.
تشجع السوريين أخيرا وكسروا القالب البوليسي الذي وضعتهم فيه الطغمة الحاكمة المستبدة، وخرجوا إلى الشوارع، فعائلة الأسد عائلة كبيرة ومترامية مصالحها في كل سورية، وينهبون خيرات البلاد بشكل يومي ومنتظم، آن الأوان لطردهم وغسل الشام من عارهم، فهم فئة قليلة تظلم فئة كثيرة، وهم طائفة صغيرة تظلم الطائفة الأكبر والأعرق في تلك البلاد وبلا حرج وبتغني في القتل والحرق والتدمير، لقد آن أوان التغير.
منذ بداية الثورة السورية والفصائل  الفلسطينية المتواجدة في سورية اتفقت على سياسة الحياد، ولكن هذا لم يدم فكان لزاما عليها إتخاذ موقف واضح ومترجم على الأرض، وبعد صمت وتقلب في المواقف أعطت الفصائل موقفها، فالفصائل المنشقة عن منظمة التحرير وقفت بجانب النظام وأظهرت ولائها بشكل واضح وجلي، وبعض الفصائل الأخرى تساند النظام ولكن بدون موقف معلن، أما حركة حماس فقد أعلنت أخيرا أنها تساند خيار الشعب السوري ومع نيل حريته وتطبيق الإصلاحات، وبذلك حماس تكون اختارت الشعب السوري والعربي، وقدمت استقالة واضحة وصريحة من محور ما يسمى بالممانعة أو ربما حصلت على الكرت الأحمر وتم استبعادها من هذا المحور.
لطالما احتد الصراع والحرب الباردة بين محور الممانعة المتمثل في إيران وسورية وحزب الله وحماس وفصائل فلسطينية أخرى ومحور الاعتدال المتمثل آنذاك بمصر والسعودية والأردن والإمارات والسلطة الفلسطينية وغيرهم، وكثيرا ما لعبت إيران وسورية في المنطقة عبر حزب الله وحماس، ولطالما كان لإيران دورا في القضية الفلسطينية وهكذا سورية، وكثيرا ما شعرنا أن سورية تجلس على طاولة الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، وتم إلقاء التهم بالتبعية والرجعية والتخوين من قبل الممانعين وكأنهم مقاومون حقيقيون واتضح مؤخرا أنهم أبطال حرب ومقاومون وجزارون ولكن ضد شعوبهم والتجربة تمتد، كما أن محور الاعتدال بشكله المتخاذل انتهى بانتهاء مبارك، وجاءت مصر القوية مصر التي تحمل اللاءات والمطالب وعدم الخنوع وانتقلت هي إلى رأس الممانعة بعد أن فرط عقد الممانعين، خيرا فعلت حماس حين تركت هذا المحور الطائفي ذو المذهب الواحد.
نسمع أن حماس غير قادرة على توفير رواتب موظفيها وبأن هناك ضائقة مالية سببها فقدان التمويل من إيران وسورية كما يقول بعض الكتاب وتترامى بعض الأخبار، وكنت قرأت أن تمويل حماس 70% منه ضرائب من الغزيين و30% أو أقل تأتي من الخارج، وإن كان ذلك صحيح فعلى حماس أن تتعلم كيفية التعايش مع هذه النسبة فموقفها من الشعب السوري هو شرف لها ولنا وإن كان الثمن التمويل فلتبحث عن بدائل مرضية في إطار الوطن.
موقف حماس يستحق الاحترام حتى وإن كان سببه أنها رأت مصالحها في ذلك، ولكنه موقف يستحق التقدير، فحماس بعد أن خرجت من هذا المحور أصبحت عارية بلا ممول حقيقي وبلا مساند سياسي وعسكري نظامي، ولكنها في الغالب تعول على التغيير المصري وعلى ضرورة إحتصان مصر الجديدة مصر الثورة لها، ونتمنى لها الثبات في موقفها من النظام السوري وأن تجعل الفجوة الحالية هجر وطلاق بائن.
لقد عانى السيد الرئيس كثيرا من بعد المسافات والمرجعيات بينه وبين حركة حماس ومن النفوذ الدمشقي على حركة حماس، أعتقد أن الآن الوقت المناسب جدا للملمة البيت الفلسطيني ووضع حماس أمام مسئولياتها ورص الصف الوطني خاصة وأن هناك التقاء في البرامج و المرجعيات العربية والهدف السياسي، على حماس وفتح استغلال الفرصة وردم الماضي والمضي نحو أفق وطني أفضل، فالمصالحة هي طوق النجاة لحماس ولفتح وأن انتظار نتائج أيلول لإتمامها أو تمديد مرحلة التسويف هو خطأ سياسي.
على مصر الثورة مد اليد لحركة حماس لإنقاذها من الغرق بعد أن قفزت من المركب الشيعي وتوجهت نحو الشاطئ العربي.

Salah_wadia@hotmail.com
http://salahwadia.blogspot.com