الأحد، 19 يناير 2014

الأولويات الوطنية للسيد الرئيس



الأولويات الوطنية للسيد الرئيس
د. صلاح الوادية
منذ أن نشأت حركة فتح أثبتت للجميع أنها الرافعة الوطنية والحامي الحقيقي للمشروع الوطني وللفكرة الوطنية الفلسطينية، من خلال رفض التبعية للخارج ومحاربتها والحرص الدائم على الوحدة الوطنية وتاريخ طويل من التضحية والمسؤولية الجادة تجاه القضايا الوطنية الفلسطينية، أيضا من خلال حرصها الدائم على إستمرارية التمثيل من خلال منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتبر الوعاء الوطني الجامع للفصائل الوطنية، ويشهد لها بذلك الكل الوطني الفلسطيني بعيدا عن من لا يحمل الفكر الوطني.
رأب صدع حركة فتح لا يؤرق أبناء فتح فقط وهذا ما لمسته من خلال لقائي بمجموعة من المثقفين والقياديين في الأحزاب الوطنية وإنما هو هَم لكل إنسان فلسطيني وطني يؤمن بأن حركة فتح حركة شعبية جماهرية شمولية وطنية إذا صلح حالها من الداخل إنعكس ذلك على الشارع الفلسطيني وإذا أصابها الضرر فإن في ذلك خطر على المشروع الوطني والفكرة الوطنية ذاتها، لأن البديل أفكار غير وطنية تدعو لفكرة عالمية وانسياق خلف قرار غير فلسطيني، لذلك من أولويات السيد الرئيس العمل على ترميم صفوف حركة فتح وإعمال الدمقرطة في أروقتها وتدوير القيادات والنخب من خلال الانتخابات ودورية المؤتمرات، والتعجيل بلم الشمل الفتحاوي من خلال الدعوة للتسامح والمصالحة وعودة أبناء فتح المهجرين إلى بيوتهم بعد أن أطلق السيد هنية دعوة وطنية تقضي بعودة أبناء فتح ونوابها الذين خرجوا إثر الانقلاب.
الأولوية الثانية هي المصالحة الوطنية الفلسطينية و ضرورة تقديم جسور من التنازلات وحسن النية من قبل الطرفين وانتهاج خطوات حقيقية وجادة وصادقة تخلو من المناكفة واستغلال نقاط ضعف وأزمات الطرف الآخر، خاصة عندما يكون الحديث عن أن الكرة اليوم بين يدي رئيس الشعب الفلسطيني وليس رئيس حركة فتح، وعلى حماس أن تكون أكثر جدية، من يسبق أولا الانتخابات أم المصالحة لا يهم المواطن الفلسطيني وتحديدا الغزي الذي بات يعاني كثيرا من كل شئ بسبب ما يفرض من عزلة وحصار على القطاع بسبب تدخلنا غير المبرر بشؤون غيرنا، غزة تعاني من فَقد كل شئ وصولا إلى الكرامة من خلال تقييد الحركة وحرية التعبير والعمل حتى فقدت سبل العيش الآدمي والحياة السوية.
أما على الصعيد السياسي فإن استمرار الانقسام أضعف المفاوض الفلسطيني بشكل مطلق، وأضعف المقاومة بشكل مطلق أيضا، وهدم كثيرا من أحلام الصمود والبقاء في كنف الوحدة الوطنية والتغني بالشعب الفلسطيني الواحد، لا قوة لأحد بمنأى عن الآخر، لا قوة للمفاوض إلا بوجود قوة له يناور بها متى أحتاجها، ولا عقل لمقاومة بدون سياسيين محنكين وقبول وتواجد سياسي دولي، بات لزاما على طرفي الانقسام أن يعلموا أن التاريخ لن يرحم من ساهم في بناء هذه المرحلة المشوهة والعرجاء في تاريخ القضية الفلسطينية والتعايش الوطني الفلسطيني، بالأسماء سيقال في فترة تولي فلان من هنا وفلان من هناك إنقسم الشعب الفلسطيني على ذاته وسال الدم الفلسطيني باليد المقاومة وتعرت القضية الفلسطينية أمام العالم وصار هناك كيانان صبغتهما الشرذمة والفرقة والانفصال الجغرافي والسياسي، حتى بات المواطن في غزة يشعر أن المواطن في الضفة يختلف عنه بل ويحسده على الحياة الكريمة التي يحياها.
أما الاولوية الثالثة والأهم الإنسان الفلسطيني الذي يذبح في اليرموك بلا ذنب مع العلم أن الإنسان هو الثروة الفلسطينية الأجل والوحيدة والمرتكز الأساس في الوجود والصمود، يجب على الجميع التوحد بشكل رسمي لإخراج أهلنا في اليرموك من أزماتهم المميتة وحالات التغييب القسري لوجودهم، ألا يكفيهم التهجير والنزوح واللجوء ليتم قتلهم وسحلهم وقطع رؤوسهم وتهجير جديد، والأسوأ على الإطلاق عدم الوقوف بجدية على مآسيهم، البعض قد يقول أننا نجمع لهم التبرعات ونرسل الإغاثات والأغطية وخلافه، وتناسوا أن ما يحتاجه أهلنا في اليرموك هو الإستقرار والأمن، لماذا لا يتم إستغلال هذه المعاناة لتدويلها وعرضها على المؤسسات الدولية المختصة ومجلس الأمن للضغط على دولة الاحتلال لايجاد حلول لهم داخل الأرض الفلسطينية لا الهجرة الجديدة إلى كندا أو غيرها.
الفلسطيني أينما وجد في الوطن أو خارجه غني وفقير يغلب عليه طابع النزوح واللجوء والمسكنة وأن لا حول له ولا قوة ولا قيادة حكيمة تتابع أموره في شتى بقاع الأرض بحرص كامل ومسؤولية مجردة، إعملوا على لم الشمل الفلسطيني لمواجهة التغول الاستيطاني وتعنت دولة الاحتلال محليا ودوليا، ولا تنسوا أنكم لستم دولة هنا ولا هناك ولن تكونوا منفردين.
 salah_wadia@hotmail.com

الأربعاء، 15 يناير 2014

العصف الذهني الوطني



العصف الذهني الوطني
د. صلاح الوادية
قام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس وزرائها وبمناسبة اليوم الوطني الثاني والأربعين للإمارات بإطلاق حملة العصف الذهني الإماراتي لتطوير قطاعي الصحة والتعليم، داعيا كل الشعب الإماراتي للمشاركة في أكبر عصف ذهني للخروج بآلاف الالأفكار الإبداعية والقابلة للتنفيذ، مشددا على أن من حق كل إماراتي أن يشارك في تطوير ونهضة بلده، وفعلا تمت الفكرة وأنتجت آلاف الافكار البناءة والتي يتم دراسة إمكانية تطبيق أهمها وأنجعها على قطاعين تعليم والصحة في الإمارات.
هذا الرجل أثبت أن المستحيل لا يوجد إلا في الرؤوس الخرفة، فقد بنى مدنا في البحر وأوصل دبي التي هو حاكمها إلى القمة بين عواصم العالم، حتى إذا ما دخلت دبي تشعر بأنك في اليابان أو سنغافورة وأكثر، صحيح أن لديه المال وهو أحد مقومات النجاح، ولكن أهم ما يتوفر لديه هو الإرادة الصلبة الفتية والحس الوطني الحقيقي وهذا ما جعله قادرا على التقدم والنجاح والتميز.
وحين قرأت عن العصف الذهني الإماراتي تبادر إلى ذهني الحالة الفلسطينية العصية على الحل، الإنقسام السياسي والإجتماعي الحادين، والفساد المالي والإدراي، وتوقف الحياة العامة عن التطور، والإقتصاد الطفيلي، وعدم وجود خطة ومنهجية موحدة لمواجهة الإحتلال، وإختلاف الأسس والمرجعيات للفصائل الفلسطينية، والتدهور الحاصل في معظم القطاعات الرسمية وأهمها الصحة والتعليم، والبطالة المستشرية في صفوف الشباب والخريجين وأرباب الأسر، وحالة الفقر المدقع التي يعاني منها السواد الأعظم من الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وأمور كثيرة قد لا تحضرني الآن، كل هذه المشكلات تحتاج إلى حلول وطنية جماعية تراكمية لا حلول فردية.
لماذا لا يتم عقد ورشة عمل للعصف الذهني على مستوى قيادات الفصائل ومجموعة واسعة من المثقفين والمرتفعات الإجتماعية والمبدعين للتفكير بشكل جماعي وواعي ومسؤول حول أفضل الطرق للخروج من مأزق الإنقسام وتحقيق المصالحة الإجتماعية وطرح كل الإحتمالات لحفظ ماء وجه الجميع وإبداع حلول تخرجنا من هذه الأزمة الذي لا يتم البحث فيها إلا بشكل فردي فصائلي، الوطن يعج بالمفكرين والمبدعين والوطنيين لما لا يتم إستغلال طاقاتهم وأفكاراهم لإنتاج حالة وطنية مميزة ومتفردة جماعية مرضية للجميع وتشمل كل أطياف الشعب الشعب الفلسطيني، بدل أن تبقى المصالحة ترواح مكانها بين فتح وحماس، العصف الذهني لعقلاء الوطن وقاداته قد يفضي عن شئ غير مطروح على طاولة الحوار فالتفكير الجماعي يخلق الإبداع، والحب والتسامح أيضا.
وينسحب ذلك على كافة القطاعات لحل أو وضع حلول إبداعية لكافة المشكلات المستعصية التي تواجه المشروع الوطني وتؤرق المسؤولين وتنهك الناس، نحتاج حقا لحلول إبداعية تنهي حالة الفقر والجوع والبطالة ربما بالإبتعاث أو بخلق فرص عمل جديدة أو أي شئ قد يتمخض عن عصف ذهني يشارك فيه مجموعة وطنية من أصحاب الإختصاص فيما يتعلق بالإقتصاد أو الصحة أو التعليم، التفكير الجماعي أوصل الدول الأوروبية إلى القمة أما التفرد بالقرار والرأي الواحد وضع العرب في مصافي الأمم، وحالة الإمارات حالة تحترم ويجب الإقتداء بها فيما يتعلق بالتفكير الجماعي للخروج بحلول إبداعية خلاقة لكافة مشكلات الوطن.
الوطن بحاجة لتفكير وطني حقيقي ووطنيين حقيقيين لأنه يمر فعلا بمشكلات حقيقية وقاهرة، وأعتقد أن مجرد البحث من قبل القيادة في إمكانية تطبيق العصف الذهني الوطني والعمل على تطبيقه هي روح وطنية خلاقة.
Salah_wadia@hotmail.com


الثلاثاء، 7 يناير 2014

التحويلات الطبية ضرورة وهدر للمال العام



التحويلات الطبية ضرورة وهدر للمال العام
د. صلاح الوادية
التحويلات الطبية والحديث عنها قضية متجددة وحيوية ولكنها لم ترقى أبدا إلى مستوى أهميتها على المستوى الرسمي للسلطة الوطنية أو على مستوى مجلس الوزراء، لم نسمع عن حلول خلاقة إبداعية وجذرية، ذات المشكلة تتجدد مع كل ميزانية في نهاية كل عام، يجب التفكير بجدية بقضية تتعلق بحياة وسلامة المواطنين والمال العام.
حيث أكد مدير عام التحويلات الطبية في وزارة الصحة الفلسطينية أسامة النجار لبرنامج ساعة رمل عبر تلفزيون وطن أن مبلغ التحويلات الطبية التي دفعتها السلطة لمشافي الاحتلال قفز عن سبعة مليارات شيقل منذ عام 1994م حتى الآن، متحدثا عن سرقة المستشفيات الإسرائيلية لأموال السلطة عبر فواتير التحويلات الطبية، وربما هناك من هو مدان بالفساد، ورغم كل المبالغ التي تدفع هناك ديون على وزارة الصحة متعلقة بالتحويلات.
الأمر حقا يستحق الوقوف عليه، لماذا كل هذا الهدر للمال العام بحجة عدم وجود كادر بشري طبي كافي، وإذا أطلعنا على الجانب الإنساني للقضية نجد بها تقصير ملموس، فكثيرا من المرضى يستوجب تحويلهم للعلاج بالخارج لا يتم تحويلهم بحجة توفر العلاج وبعد علاجهم تتدهور صحتهم بشكل واضح، وكثيرا من المرضى الذين يتم تحويلهم يمكن علاجهم محليا وهناك العشرات أحق منهم بالتحويل، وبالحديث عن العمل الروتيني للحصول على التحويلة الطبية هي سهلة للحالات الطارئة جدا ولكنها صعبة ومذلة بالنسبة للحاجات الأقل خطرا، بمعنى أن كل تلك المبالغ لم تكفي للوصول إلى إكتفاء في موضوع التحويلات الطبية.
من غير الخافي أن السلطة الوطنية لا تعطي البحث العلمي وتطويره وتطوير كوادرها ومنهم الأطباء إهتماما كافيا، فحالة الطب والأطباء في قطاع غزة كليا والضفة جزئيا لا يسر ولا يطمئن والبراهين كثيرة أهمها مبلغ التحويلات المهول الذي نتحدث عنه، والأطباء ذاتهم غالبيتهم لا يهتم بتطوير إمكاناته والبحث عن كل ما هو جديد في تخصصه أو إكمال دراسته في الخارج، وحتى الكفاءات منهم تجدهم في المستشفيات الحكومية لا يعطي ربع إمكاناته وإهتمامه للمريض أما في عيادته الخاصة فحدث ولا حرج عن مدى الإمكانات والمهارات التي يظهرها، وهذا لعدم وجود رقابة حقيقية وجادة من قبل وزراة الصحة.
لو فندنا المبلغ بالتقريب وقمنا بقسمة مبلغ السبعة مليارات على تسعة عشر عاما (1994-2013) لوجدنا أن السلطة تنفق مبلغ 368 مليون شيقل كل عام على التحويلات الطبية للخارج وغالبا تعود معظم تلك المبالغ لمشافي الإحتلال، وعلى تخصصات طبية محدودة وهي التي تعاني النقص في الضفة وغزة.
الحل بسيط للتخلص من كل تلك النفقات واستبدالها بتكاليف بسيطة ومعلومة ومفيدة أكثر، فلو قامت وزارة الصحة بجلب أطباء أكفاء ومشهود لهم أجانب أو عرب لمجموع التخصصات التي بها إحتياج ويكونوا استشاريين وضليعين في تخصصاتهم ولمدة عام أو عامين على أقصى حد وبدل التحويل للخارج يقوموا هم بعلاج الحالات التي تحتاج للتحويلات الطبية في مشافينا، وخلال علاجهم للمرضى وإجرائهم العمليات يكون معهم طواقم طبية من أطباء أكفاء يقوموا بتعليمهم وتدريبهم ومن ثم يتركوا الأطباء المحليين الذين تم تدريبهم يقوموا بعلاج الحالات الحرجة وإجراء العمليات الحرجة تحت إشراف الإستشاريين ذاتهم، خلال فترة وجيزة لا تتعدى العامين سيكون لدينا كوادر طبية وكفاءات تدربوا على يد إستشاريين كبار تغنينا عن الحاجة للتحويلات كليا، أيضا تحسين أوضاع الأطباء المالية والمشافي الفلسطينية بما يقارب مواصفات الدول التي تمتلك مشافي طبية يليق بالمستوى الآدمي، وفتح أقسام للتخصصات التي غير موجودة والتي يتم التحويل لها للخارج، وإبتعاث مجموعة من الأطباء الأكفاء للخارج على نفقة السلطة لاستكمال دراستهم وزيادة خبراتهم، وتفعيل الرقابة الطبية على كل المشافي الحكومية.
لو جلبت وزارة الصحة عشرون بروفيسورا من عدة تخصصات نحن بحاجة إليها وكان عقدهم سنوي ولمدة عامين، وأعطت كل واحد منهم عشرة آلاف دولار شهريا ستكون نفقتهم جميعا في العام الواحد مليونين ونصف دولار تقريبا (2400000)، على مدار عامين خمسة ملايين دولار، بهذا المبلغ سنكون وفرنا مبالغ طائلة تزيد عن المئة مليون دولار سنويا لصالح التحويلات الطبية.
كم مشفى عالى المستوى وبمواصفات عالمية تستطيع السلطة بناءها بمبلغ السبعة مليارات شيقل، أرجو التفكير جيدا وعدم إلقاء المسؤولية على الغير وعلى وزير الصحة شخصيا تحمل المسؤولية عن كل هذا المال الذي يتم هدره نتيجة لعدم التفكير والإهمال.