الجمعة، 7 ديسمبر 2012

الاستيطان في المنطقة E1 وأثره على الدولة الفلسطينية


ظهر رد الفعل الإسرائيلي على توجه الرئيس عباس للأمم المتحدة سريعا, ولم يمنع الإجماع الدولي بوجوب استقلال الفلسطينيين الحكومة الإسرائيلية من ممارسة كبرها وعنجهيتها المطلقة واستحقار المجتمع الدولي والقانون الدولي, بل وحتى الاستخفاف بأصدقائها وحلفائها الدائمين.
 قررت حكومة نتنياهو بناء 3600 وحدة استيطانية جديدة في منطقة E1, كان هذا القرار بمثابة الرد العنيف على قرار أبو مازن, وهو بمثابة حفر خندق كبير أمام عربة أي دولة يشيدها الفلسطينيون، ومنطقة E1 تقع بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم, ويقوم مشروع البناء بربط معاليه أدوميم بمدينة القدس وتحديدا القدس الشرقية وفصل الأخيرة عن الضفة الغربية ومحيطها العربي كليا، ومنطقة E1 هي احد المناطق التي لم تطالها آلة التخريب الاستيطانية وبقيت على حالها منذ بداية العهد الميلادي , وتوصف بأنها منحدر ترابي قاحل يقع على الطريق المؤدي إلى الصحراء والبحر الميت , وتبلغ مساحة منطقة E1 12 كيلو متر مريع , تقع في الخصر الضيق للضفة الغربية , ومن الخلف تطل على القدس الشرقية.

سبب حساسية منطقة
E1 وإصرار إسرائيل على البناء فيها كرد فعل على خطوة الدولة الفلسطينية كعضو مراقب هو أن البناء في هذه المنطقة سوف يربط معاليه أدوميم بالقدس الشرقية وهو ما يسمونه الإسرائيليون (تجمع مستوطنات إسرائيل في القدس) وما يعرف بمشروع (قدس1 أو j1) وهو مصطلح عبري دارج, ويفصل البناء الترابط الجغرافي بين الضفة الغربية والقدس الشرقية وبالتالي عدم إمكانية تحقيق دولة فلسطينية في حدود 1967 لأن القدس الشرقية سوف تكون معزولة عن باقي الأراضي الفلسطينية, كما سيكون من الصعب تقسيم القدس إلى غربية وشرقية, فالبناء الاستيطاني الجديد يقوم بطبع القدس الشرقية بالطابع اليهودي والتأكيد على يهوديتها, ويتضح أهمية هذا البناء بالنسبة لإسرائيل من خلال تأكيدها على عدم التراجع عن البناء والذي قامت باستثمار 200 مليون دولار في البني التحتية فقط تمهيدا لبناء أحياء استيطانية تربط القدس بمعاليه أدوميم.
قرار البناء لاقى ردود فعل دولية وعربية غاضبة, حيث استدعت كل من فرنسا وبريطانيا والسويد السفير الإسرائيلي لديها وأبلغته احتجاج حكوماتها على البناء في المنطقة E1, كما وحذت حذوهما كل من اسبانيا والدنمارك وبنما والاتحاد الأوروبي، وعلى الصعيد العربي قامت مصر باستدعاء السفير الإسرائيلي لديها وإبلاغه احتجاج الحكومة المصرية الشديد على البناء في المنطقة E1.
وتعالت أصوات إسرائيلية تندد بقرار البناء في المنطقة E1, حيث هاجم رام عيمانوئيل نتنياهو مرتين قائلاً (إن نتنياهو خان الرئيس الأمريكي باراك أوباما عدة مرات), أما تسيبي ليفني قالت (إن نتنياهو حرك المجتمع الدولي ضد إسرائيل مرتين في شهر واحد, وأضافت إن قرار إسرائيل ببناء وحدات استيطانية في المنطقة E1 هو بمثابة بصقة في وجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي دعم إسرائيل في عدة مواقف, أما أولمرت فقد قال (لا أجد ضرورة للبناء في المنطقة E1), أما المؤيدين لهذه الخطوة يرون أنها توسع طبيعي من مستوطنة معاليه أدوميم التي تضم أكثر من 30 ألف مستوطن, أما دانيال سيدمان مؤسس منظمة أرض القدس غير الحكومية التي تراقب التطور الحضري في القدس وحولها فقال (هذه ليست مستوطنة عادية إنها مستوطنة يوم القيامة) في إشارة إلى مدى أهميتها للإسرائيليين.
كل الحكومات الإسرائيلية السابقة أكدت للرئاسة الأمريكية بأنه لن يتم بناء مستوطنات في هذه المنطقة, حيث تم ضم المنطقة 1E إلى مستوطنة معاليه أدوميم عام 1994 وصدر قرار من حكومة رابين آنذاك للبناء فيها ولكن نظرا للرفض والغضب الذي واجهه القرار تم تجميده, وبعد الرفض الأمريكي لقرار البناء الحالي بسبب أن البناء سوف يهدم أي فرص لاستئناف المفاوضات, اتهمت صحف وشخصيات إسرائيلية الولايات المتحدة الأمريكية بأنها خلف الاحتجاجات التي تواجهها إسرائيل من الدول الأوروبية.
على ما يبدو أن سمة المرحلة القادمة بانت معالمها وهي تحدي إسرائيلي للولايات المتحدة، وتوسع استيطاني سريع، ومعاقبة الفلسطينيين على التوجه للأمم المتحدة, وإرسال رسائل لدول العالم ال 138 التي صوتت لصالح دولة فلسطين عضو مراقب مفادها أن تصويتكم لا يلزم إسرائيل بشيء وأن إسرائيل فوق قانون الدول.
بالتالي إن لم يكن رادع للقرارات الإسرائيلية المنفردة وأهمها البناء في المنطقة E1 يجب على الفلسطينيين الاستفادة من قرار الأمم المتحدة وإشهار سيف القانون الدولي والشرعية الدولية والتوجه للجهات الدولية المختصة مثل محكمة الجنايات ومجلس الأمن, لتقديم شكاوي حول السلوك الإسرائيلي المشين والتوسع الاستيطاني الخطير, يجب وضع حد عاجل للاستيطان على كل الأراضي الفلسطينية، صحيح إن قرار البناء في المنطقة E1 يحتاج لوقت طويل للتنفيذ ولكن إن لم يحبط الآن سوف يصبح شيء عادي روتيني وقضية من الماضي, وإذا ما حصلنا على دولة فلسطينية بالمفاوضات أو وفق الشرعية الدولية يجب أن تكون تلك الأراضي متصلة وبالقدس أولا وتضم القدس الشرقية قبل كل شيء.

الخميس، 1 نوفمبر 2012

السيناريوهات الإسرائيلية والخيارات الفلسطينية في ظل حكومة الليكود بيتنا



فاجئ نتنياهو الجميع بما فيهم قيادات الليكود بتحالفه الجديد مع ليبرمان، واللذان كان واضحا فيما قبل عدم انسجامهم واتفاقهم على العديد من القضايا أو على الأقل كما أظهروا، وما فاجئنا أكثر سرعة التصويت والقبول الواسع الذي حصل عليه هذا التحالف من قبل أعضاء الليكود، ربما الخطاب القصير الحماسي الذي ألقاه نتنياهو يدلل على ما يريده من هذا التحالف، أيضا يعطي مؤشرات جلية وقوية عن ماهية المرحلة اليمينية المطلقة الآتية، والتي قد تكون من أصعب المراحل على الفلسطينيين.
إن مرحلة حكم نتنياهو السابقة 1996-1999 لم تكن وردية أكثر من مرحلة حكمه الحالية، حيث اتسمت بوقف المفاوضات التي أعاقها هو شخصيا واتفاقه مع رئيس بلدية القدس على الاستمرار في حفريات النفق تحت السور الغربي للمسجد الأقصى الأمر الذي أشعل هبة الأقصى 1996 والتي سقط على أثرها العديد من الشهداء، وبالتدقيق ترى أن نتنياهو وليبرمان لا يختلفان عن بعضهما إلا في التواري خلف الابتسامة والحديث الدبلوماسي، وذلك معناه أن التحالف الجديد " الليكود بيتنا " يميني وتطرف بامتياز.
تصريحات ليبرمان في الأيام القليلة الماضية بخصوص الرئيس عباس كانت من أكثر التهديدات تطرفا التي وجهها مسؤول إسرائيلي لرئيس فلسطيني سواء الراحل عرفات أم عباس، حتى شارون لم يجهر بنيته قتل عرفات إلا من خلال بعض التسريبات، أما ليبرمان فلم يجد حرج سياسي ولا إنساني في أن يعلن رغبته في موت الرئيس عباس أو حتى العمل على إنهاء حياته بوصفه عقبة أمام السلام، أيضا نتنياهو كثيرا ما وصف عباس بأنه لا يصلح أن يكون شريك في عملية السلام وبأنه يتعمد إحراج إسرائيل دوليا.
طبعا لا ننسى التهويد والابرتهايد والاستيطان المستمر يوميا والدعم الهائل الذي يخصصه نتنياهو لذلك، ففي خضم معركته الخاصة لإنجاح تحالفه الجديد وأزمته الشخصية مع الإدارة الأمريكية وتدهور العلاقة مع الفلسطينيين، صادق نتنياهو من خلال حكومته على بناء 180 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية، أي أن الاستيطان لديه أولوية أولى وأن القدس كما ذكرها على منصة المؤتمر إسرائيلية بالمطلق وبلا شراكة لا شرقية ولا غربية، ولا اعتقد أن ليبرمان سيكون أكثر تطرفا من ذلك إلا من ناحية التنفيذ.
وللوقوف على أثر هذا التحالف اليميني الصهيوني المتطرف على السلطة الوطنية الفلسطينية يجب استعراض بعض السيناريوهات.
-    بما أن نتنياهو وليبرمان متفقين على عدم وجود شريك فلسطيني لعملية السلام إذن ربما يلجأوا إلى خطوات أحادية الجانب، مثل الخروج من بعض المدن الفلسطينية المتكدسة بالسكان وإعلان انفصال إسرائيل عنها، على شاكلة الانفصال أحادي الجانب الذي قام به شارون عام 2005 من قطاع غزة.
-    استمرار الاستيطان وبشراهة أكبر من ذي قبل، وسحب تصاريح المرور من الشخصيات المهمة، ومنع وصول عائدات الضرائب للسلطة، وبذلك يحكم الخناق على السلطة طوال فترة حكم الليكود بيتنا والمراهنة على عدم صمود السلطة.
-    ربما يلجأوا إلى خطوة أكثر تطرفا وهي محاصرة الرئيس عباس شخصيا في المقاطعة على غرار الحصار الذي مر به الراحل ياسر عرفات، والذي استشهد وهو رازح تحت هذا الحصار.
-    العمل على عزل السلطة الفلسطينية دوليا من خلال شن حملة دبلوماسية شرسة واسعة النطاق لمحاولة إقناع العالم بعدم التعاطي مع السلطة بصفتها غير راغبة في السلام.
-    جر السلطة إلى مفاوضات تسويفية جديدة من خلال ضغط أمريكي يهدف إلى منع السلطة من التفكير في خيارات مجدية أكثر من المفاوضات العبثية مثل التوجه للأمم المتحدة لطلب عضوية دولة غير عضو في الجمعية العمومية.

ما سبق قد يؤدي بالمجمل إلى وصول السلطة إلى أقصى حالات ضعفها وربما انهيار محتمل، ولذلك على السلطة القيام بعدة خطوات احترازية لمواجهة التطرف الصهيوني القادم، وأهم تلك الخطوات:
-    العمل على إنهاء الانقسام الفلسطيني فورا، وتسريع عجلة المصالحة، وتقديم تنازلات حقيقية من قبل الجانبين، فأي تنازلات تقدم من أجل ردم الهوة الفلسطينية هو تصرف وطني محض، وذلك من أجل الظهور أمام العالم كجهة واحدة والقدرة على التصدي للهرطقات الصهيونية.
-        تحديد موعد واضح ومحدد وقريب للتوجه للأمم المتحدة وعدم التردد أو انتظار نتيجة الانتخابات الأمريكية أو سواها.
-        إعادة مأسسة السلطة الوطنية الفلسطينية وهيكلتها، بما يضمن قدرتها على البقاء في حال تعرضت لأي حصار مالي أو كياني.
-        تشبيك مؤسسات الضفة كليا بمثيلاتها في غزة، مما يجعل عزل مؤسسات السلطة في رام الله من قبل إسرائيل أمر غير ممكن.
-    إطلاق حملة دبلوماسية إستباقية دولية توضح تطرف الحكومة الإسرائيلية المقبلة ونواياها تجاه السلطة الفلسطينية وتجاه السلام، وذلك لحث المجتمع الدولي للضغط على هذه الحكومة المتطرفة من أجل التقدم نحو السلام، وإفشال أي حملة دبلوماسية قد تسوقها إسرائيل ضد السلطة الفلسطينية.
-        إعادة تفعيل شبكة الأمان العربية التي تم الحديث عنها سابقا ولم تتقدم قيد أنملة.
-    إقرار خطة اقتصادية وطنية شاملة، قادرة على الصمود في وجه أي حصار إسرائيلي مالي قادم، أو في حال تم وقف تحويل عوائد الضرائب.

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

حماس والسلفية الجهادية



حماس والسلفية الجهادية
صلاح الوادية
بعد أن كانت سجون  الأمن الداخلي التابع لحكومة حماس تعج بعناصر وكوادر حركة فتح إلى جانب الجنائيين والنصابين والمشبوهين بقضايا  التخابر، أصبحت تلك السجون في الآونة الأخيرة نزلا دائما للسلفيين اللذين يتعرضون لحملة اعتقالات واسعة من قبل حكومة حماس عقب عملية سيناء البشعة في أغسطس 2012 واتهامهم بالمشاركة فيها, حتى أصبح سلفيون غزة يقولون إن حماس تعتقلهم بتعليمات مصرية.
لم يتوقف الأمر على الاعتقالات وإنما انتقل إلى شوارع قطاع غزة الرئيسية منها وغير الرئيسية, حيث انتشرت قوات الشرطة ويرافقها من يرافقها من القسام واضعة حواجز حديدية متقاربة جدا بحيث يبعد كل حاجز عن الآخر ما لا يزيد عن نصف كيلو متر, وبحوزة رجال الشرطة الواقفين على الحواجز صورة ينظرون إليها عندما يوقفون المركبات، ويقارنون بين الصورة ومن داخل المركبة، حتى بدأنا نرى تلك الحواجز في الشوارع المؤدية إلى الحدود مع الاحتلال ومع مصر.
وفي خضم ذلك أقدم الاحتلال على اغتيال قائد جماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة هشام السعيدني وأشرف صباح أمير أنصار السنة، حيث أن السعيدني وصباح من أهم مؤسسي مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس، والذي وحد الجماعات السلفية في القطاع في كيان واحد وتحت ولاية أمير واحد، ويقول أبو العيناء الأنصاري أحد قيادات السلفية في قطاع غزة في تصريح لموقع القدس دوت كوم " إن أغلب الذين تم استهدافهم مؤخرا تم اغتيالهم عقب خروجهم من مقرات الاعتقال بغزة "، وكم يذكرني ذلك بالأمس القريب حين كانت حركة حماس تقول " إن إسرائيل تغتال كوادرها وهم خارجون من مقرات السلطة في إشارة منها للتنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال ".
المجتمع الفلسطيني بطبعه شعب عاطفي ينجر وراء عواطفه حتى في السياسية، وكثيرا ما نجحت الفصائل المختلفة وحتى الدول والشخوص السياسيين بتكوين موقف مؤيد ومساند لهم داخل المجتمع الفلسطيني لمجرد تصريح دغدغ مشاعر الناس أو تصويت لصالح القضية في أي محفل مهم أو غير مهم.
أما فيما يتعلق بالاعتقالات السياسية فهي دائما تنصر المسجون على السجان في قلوب الناس، وصورة الضحية دائما تلازم المسجون، وفصائلنا تتقن استغلال محنة معتقليها لتخاطب الناس بلغة المستضعف الذي تفتئت عليه فئة ظالمة، هذا الخطاب بدأت تستعيره الجماعات السلفية وتحاول إتقانه، فهو كان السبب الأساس في تعاطف الناس مع حركة حماس في السابق قبل نجاحها في انتخابات يناير 2006، الأمر الذي أكسبها الانتخابات أيضا، وما زالت حماس حتى اللحظة تحاول استخدام نفس الخطاب في الضفة الغربية، لكن حماس اليوم باتت مكشوفة للرأي العام أكثر من ذي قبل.
ديدن المقاومة ينتقل اليوم من حماس إلى السلفيين، حركة حماس اليوم تقوم بحملات اعتقال في صفوف السلفيين اللذين يصرحوا للإعلام بأن حماس تضطهدهم وتلاحقهم وتقتحم بيوتهم وتستبيح حرماتها وذلك لأنهم فقط مقاومين، بدأنا نرى خطاب المقاومة السحري ينتقل للسلفيين، وبدأ جزء كبير من الشارع الفلسطيني يتعاطف معهم وإن كان على تشددهم مآخذ عدة ولكن الناس تنكر على حماس اعتقالاتها ومنعها للمقاومة، أداة الجذب العجيبة، إذن انتقل مصطلح المقاومة من قبعة حماس السحرية إلى ألسنة السلفيين والناطقين باسمهم.
إذا نظرنا لتركيبة مجلس الشورى سنجد خليط كبير من كل الجماعات السلفية في القطاع، وأفراد هذه الجماعات هم من الناس ومن الشارع العادي البسيط ومنسحبين من الفصائل جميعا والكثير من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، إذن في أجندة هذه الجماعات ما يجذب الناس وما يؤثر في قناعاتهم.
واضح أنهم في تزايد بطئ ولكنه مستمر، فتجد لون خطاباتهم وتصريحاتهم أصبحت بها نبرة قوة وتحدي ومدلول جديد على قاعدة واسعة ومتزايدة، وتحديدا بعد أن تم توحيد كياناتهم المتناثرة في كيان واحد وهو مجلس الشورى.
قبل ذلك تحدث السلفيين عن إمارة إسلامية فقامت حماس بمحقهم في آب 2009، عندما قضت قوات خاصة من القسام على عبد اللطيف موسى ومن معه في المسجد الذي كان يتحصن فيه، اليوم عاد يتركز حديث الجماعات السلفية عن حتمية إقامة إمارة إسلامية فهل تستطيع حركة حماس كتم أفواههم بنفس الطريقة السابقة.
هناك عدة أسباب تدعو لنمو وترعرع الجماعات السلفية الجهادية بصبغتها المتشددة في قطاع غزة أهمها :
أولا: الضغط الشديد الذي تمارسه حكومة حماس على الشارع الفلسطيني بكل فئاته، وحالة الفقر والحاجة وتبدد أسباب الحياة وانعدام الأفق السياسي، والهزل الذي تمارسه الحكومة كل يوم مع التجار وأصحاب المحال والسائقين وأصحاب المهن، واحتقارها للفصائل غير المتوافقة معها، كل ذلك أدى إلى ضغط كبير على الناس والشباب تحديدا.
ثانيا: اهتزاز نموذج الإسلام السياسي المعتدل في نظر الناس والذي كانت تمثله حركة حماس في فلسطين بسبب دخولها معترك الحكم، وصراعها على المصالح الدنيوية، والمنافسة بالقوة للحصول على السلطة، مما دفع الكثير من الشباب المتدين للبحث عن نموذج إسلامي آخر يقدم لهم مرضاة الله والوصول إلى الآخرة دون الانغماس في الدنيا.
ثالثا: الأنفاق المفتوحة التي حتى وقت قريب لم يكن هناك رقابة حقيقية عليها في جانب انتقال البشر، مما أدى إلى دخول الكثير من أعضاء السلفية الجهادية من غير الفلسطينيين إلى قطاع غزة، وهم ساهموا بالأساس بتأسيس تلك الجماعات.
يجب العلم أن الزمن لا يتوقف عند أحد، وأن الصغير يكبر، والفصائل والأحزاب لها دورة حياتية طبيعية مثل البشر، واليوم أصبحت جماعات السلفية الجهادية تنظيم فلسطيني ينافس وبنفس وسائل المنافسة التي اتبعتها حركة حماس سابقا، إن سجون حماس استخدمت للجم السلفيين والمفارقة أنهم وحدوا صفوفهم وشكلوا مجلس شورى المجاهدين وهم داخل المعتقل السياسي في سجون الأمن الداخلي التابع لحكومة حماس وأشدها قوة، لذلك على الحكام إعادة النظر بطريقة حكمهم للناس وأخذ عبرة من التغيرات الدراماتيكية للجماعات السلفية الجهادية.

الاثنين، 2 يناير 2012

فتح والفرصة الأخيرة


الليلة، العالم أجمع يحتفل برأس السنة الميلادية مسلمين ومسيحيين ويهود وغيرهم، أوروبيين وأمريكان وأفارقه وعرب وغيرهم، الجميع يعد نفسه وأسرته وأصدقاؤه  للاحتفال بهذه الليلة ويقيمون احتفالات وسهرات حتى الصباح، فقط وحدنا نحن الفلسطينيون الآلاف منا في فلسطين وفي أنحاء العالم يحتفلون أيضا بليلة 31/12 ولكن ليس للاحتفال برأس السنة فقط وإنما للاحتفال بذكرى انطلاقة حركة فتح، كل البشر في هذه الليلة يلفون أنفسهم بكل أشكال الزينة ونحن فقط نلف أنفسنا بالكوفية والعلم الفلسطيني والراية الصفراء، هذه المناسبة عرسا فلسطينيا خالصا لا فحاويا فقط، حيث يحتفل معنا في كل عام جميع أصدقاؤنا وأحبتنا والمناضلين الذين يعرفون أن  للتاريخ مدخل واحد فقط يبدأ من عند فتح وهم أبناء فصائل عريقة ومقاومه.

هذا اليوم يعيد أعمارنا عشرات السنين للخلف لنتذكر طفولتنا ونحن نحلم بأن نبلغ الحلم لننتمي لفتح، وصبانا ونحن ندشن باكورة أعمالنا التنظيمية، وشبابنا الذي أفنيناه متنقلين هنا وهناك في أروقة البيت الفتحاوي الدافئ، تلك المراحل العزيزة من أعمار البشر نحن وهبناها لحركتنا ونصرتها وبالتالي للوطن، وصدقا لو عادت أعمارنا لوهبناها مرة أخرى لفتح.

الجميع في هذه المناسبة يشعل المشاعل ويعلي الأهازيج والأفراح والاحتفالات ورام الله الليلة تنار حتى الصباح وتعيش الفرح الفتحاوي، ولكننا أبناء فتح في غزه ممنوعين من الفرح ممنوعين من الاحتفال بذكرى أنبل ظاهرة فلسطينيه ممنوعين من إشعال شعله لعام جديد  قد يكون أفضل علينا وعلى فتح وعلى الوطن، لذلك ليس أمامنا نحن أبناء فتح في غزه سوى الفيس بوك والتويتر والتدوينات والمقالات والتزام البيوت التي كانت دوما تشتاق إلينا في مثل هذه الأيام من السنين الماضية،وهذا ما دفعني للكتابة بفتحاوية مطلقه الليلة، لذا على قيادات فتح أن يسمعوا بشيء من الصبر والحكمة لي ولغيري، على الأقل في هذه المناسبة.

منذ أن علمنا بأن اللجنة المركزية سوف تقوم باختيار مرشحين الحركة بدون إشراك الكادر في المؤتمرات من خلال الانتخابات الداخلية (البرايمرز) شعرنا جميعا مكلفين وبمهمات تنظيميه أو غير مكلفين وبدون مهمات بالإحباط الشديد وانتقاص الهمم وثقلها وخيبة الأمل الشديدة، ليس لأننا غير واثقين في اختيارات قادتنا ولكننا لا نريد أن نكرر قصة الأمس حينما نزلنا بقوائم غير مرضية للكادر أولا وللجمهور ثانيا، إلى جانب أن قاعدة الحركة سمتها التنوع والتعدد الفكري والأيديولوجي والديني برغم انتمائهم التنظيمي وهم بذلك نموذج مصغر وعينة إحصائية بسيطة عن الشارع الفلسطيني وبالتالي من سيتم اختيارهم بواسطة أبناء الحركة من خلال الانتخابات الداخلية سوف ينالون ثقة الشارع وسوف يحظوا على ثقة الناخبين وهم الشريحة الأكبر.

وكيف لفتح التي ابتدعت الديمقراطية والعمل التنظيمي الأخوي الحر أن تتسم بالدكتاتورية والرأي الواحد والمركزية في القرار، نعم أبناء الحركة سيعملون لأي قائمة سوف تفرزها الحركة وبأي طريقة ولكن الرغبة تولد النجاح، والشعور بالرضا يؤدي إلى إنتاج وفير وسليم، وعندما يكون الكادر راض عن القائمة التي يعمل لها والتي قام باختيارها بنفسه سوف يبذل كل طاقاته ويظهر أفضل ما لديه لينتصر لها لأنه سوف ينتصر لنفسه ولاختياراته من خلالها.

أما فيما يتعلق بقضية الأخ محمد دحلان التي طال الحديث حولها وأعادت إلى مسامعنا الهمس حول التقسيمات والتصنيفات التي عملت في الماضي على تفتيت الحركة بين شرعية وتوجه، وحديث عن قائمة لفتح وقائمة لفتحاويين وغيرهم، أما آن لنا أن نعلم حجم عذاباتنا وآلامنا وهزيمتنا وتقزمنا أمام منافسنا، أما آن لنا أن نسمو على جراحنا وحكاياتنا وهفواتنا ونعلم حقيقة مصابنا، نعم سنذهب خلف قيادتنا حتى النهاية ربما نهايتنا نحن ولكن ليس نهاية فتح.

لا أعلم إن كان دحلان أخطأ أم لا ولكني أكاد أجزم أنه مندفع كل الاندفاع نحو الحركة ليعود واحد من المجموع لا واحد فوق المجموع، وبأنه يهاجم ليلفت الانتباه بأنه موجود، وقصة القائمة الجديدة يجرح نطقها كل فتحاوي وأولهم دحلان ومن معه، ربما يعتقد أن هذا شر لا بد منه في ظل الإقصاء الذي تعرض له، ونحن سيدي الرئيس وقياداتنا في اللجنة المركزية لا يهمنا الشخوص وإنما تهمنا الحركة وهي الآن في أمس الحاجة لفتحاوية كل فتحاوي ولإخلاص كل محب ولتؤجل الخصومة إلى ما بعد الانتخابات، ولنحترم جميعنا قدر منافسينا وقدراتهم ونعد لملاقاتهم، كما أخاطب السيد دحلان بروح فتحاوية خالصة أن تمسك لآخر لحظة لعل أحدهم يرى يدك، وأعدل عن فكرة أن تكون فتحاوي خارج النص أو أن تعاقب خصومك فتعاقب الحركة، فأي قائمة تذهب إليها أنت وإخوانك سوف تأخذ من زخم وجمهور حركة فتح وهذا ما لا ترغبه أنت ولا نحن، اصبر وصابر ولا تيأس.

الوقت ينفذ وعجلة الأيام تدور والمنافس يرفض الآخر ويربط نفسه بحركة الربيع ليمرر ذاته على الناس، وليقطف بعض من نجاحات الإخوان، لذلك فلتعلو الهامات وتنتصب القامات وتمد الجسور وترمى الحبال إن المسئولية تاريخية ونحن على مفترق طرق أخير والتاريخ لا ولن يرحم من سيكون السبب في نكسة فتحاوية ثانية، ولا أبناء فتح سوف يرحمون ويعفون ويغفرون ولن يستطيعوا حتى وإن رغبوا.

السيد الرئيس الكل الفتحاوي لك ومعك ويثق بحكمتك ورؤيتك التنظيمية وهذا ليس من باب التملق وليس من باب الاصطفاف ولكنه من باب الحرص والمحبة حيث أنك ليس قائدا لفتح فقط وإنما قائد وأب لكل الشعب الفلسطيني ولا يجوز أن تكون طرفا في قضية وفي خلاف داخلي تنظيمي ولا يجب أن يكون مختلف عليك، أنت سيدي الحكم بيننا جميعا ووالدنا جميعا فتعالى سيدي على كل الصغائر والضغائن وأعلم أننا جميعا أبناء فتح لا والد لنا ولا قائد لنا سواك.
نحن مستعدون لحمل الأمانة ولنقدم أنفسنا للناس بحلة فتحاوية صفراء خالصة، وسوف نكون الأوائل  لأننا ولأن فتح مجمع كل شي ووعاء لكل النبلاء والوطنيين، ولكن عليكم قادتنا إعطاؤنا حلة نظيفة وراية براقة وجسد سليم،عاشت الذكرى المجيدة ولتستمر الثورة.

Salah_wadia@hotmail.com