الاثنين، 30 ديسمبر 2013

ضم الأغوار وهيبة الولايات المتحدة الأمريكية



ضم الأغوار وهيبة الولايات المتحدة الأمريكية
د. صلاح الوادية
منذ أن قدم كيري إلى المنطقة والمصائب تحل على الفلسطينيين، على عكس ما كان يجب أن يكون مثلما يدعي الأمريكان، ومنذ أن قدم لم يكف عن إطلاق التهديدات للفلسطينيين بعدم التوجه للأمم المتحدة وغيرها، بتنا نشعر أن قدومه إلى المنطقة نذير شؤم لا رسول سلام، خصوصا أنه قادم إلينا في غضون أيام.
حيث زادت وتيرة الاستيطان في فترة وساطته بشكل مهول، وضم الأراضي تسارع على قدم وساق، وبات نتنياهو مسعورا في تعامله مع ملف المفاوضات، وظهور مخطط برافر لضم أراضي النقب، والآن مشروع جديد بضم الأغوار لدولة الإحتلال وإعتبارها جزءا من كيانها.
الولايات المتحدة تبحث عن أي إنجاز في المنطقة العربية وبأي ثمن، وسوف يكون الانجاز اتفاق عقيم مشوه في حال توصلوا إلى إتفاق، أو في أحسن الأحوال مؤتمر للسلام على شاكلة مؤتمر أنابوليس لحفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية الحالية، هذا في ظل وجود علاقات متوترة وغير متوازنة بين الإداراة الأمريكية ونتنياهو، وتعنت وعناد ورفض من قبل الأخير لأي فرض من قبل الولايات المتحدة على دولة الإحتلال.
طبعا الطرف الفلسطيني هو الحلقة الأضعف في الصراع وهو الطرف الأضعف في التفاوض، بالتالي لن تستطيع الولايات المتحدة أن تفرض على دولة الاحتلال ما تريده أو ترتأيه لحل الصراع، وإنما هي فقط قادرة على إرغام الفلسطينيين للاستمرار في التفاوض والمكوث على طاولة مفاوضات مفخخة بوجه المفاوض الفلسطيني وتضييع المزيد من الوقت وفي النهاية الرهان على قبول الفلسطينيين بأي اتفاق يرشح عن جهود كيري، وما نعول كثيرا عليه هو عدم قبول الرئيس عباس بأي إتفاق مجحف وغير متوازن وغير عادل وغير مرضي للفلسطينيين وله هو شخصيا.
في الأمس القريب أقر كنيست الاحتلال مشروع قانون بضم الأغوار لباقي الكيان واعتبار أراضي الأغوار جزء من دولة الاحتلال ويسري عليها قوانين دولته، وسيتم اعتباره ساريا في غضون أيام بعد التصويت عليه واعتماد حكومة نتنياهو له، وهذه جريمة كبيرة واحتلال جديد تضاف إلى سجل وتاريخ اليهود ودولتهم الغاصبة، وهي أيضا نكبة جديدة في تاريخ الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني إذا ما تم تطبيق المشروع فعلا، وهذا يثبت أن الاحتلال لن يكون يوما جادا في السلام.
على أثر المشروع ظهرت ردود أفعال من دولة الاحتلال والأمريكان والفلسطينيين، حيث إنقسم المشهد الرسمي لدولة الاحتلال بين معارض ومؤيد للمشروع، واعتبره المعارضين أنه لا يستحق الحبر الذي كتب به وأنه سيقوض أي اتفاق أو جهود للسلام بل إنه سيقيد نتنياهو ذاته، أما الطرف الفلسطيني فقد اعتبر المشروع وعلى لسان عريقات أنه فصل عنصري وتهديد لعملية السلام وبأن الفلسطينيين سيتوجهون للأمم المتحدة للمطالبة بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، أما الموقف الأغرب فهو موقف الطرف الأمريكي الراعي للسلام فقد جاء رد فعله الأولي على لسان سفير الولايات المتحدة لدى دولة الاحتلال (دان شابيرو) بأن على الفلسطينيين عدم التوجه للأمم المتحدة حتى لا يتجاوزوا الخطوط الحمر التي وضعت لهم وأن عليهم الالتزام بالتفاوض.
الأحرى بالولايات المتحدة أن تهدد إسرائيل وتمنعها من إقرار مشروع ضم الأغوار حتى يستمر مشروع السلام الذي يطرحه كيري والذي يعتمد بالأساس على أراضي الأغوار، بدلا من ذلك يهددوا الفلسطينيين، مما لا شك فيه أن هيبة الولايات المتحدة تزعزت كثيرا في المنطقة من خلال تبنيها الدفاع عن الإخوان المسلمين وخسارة الجيش في القاهرة وعدم قدرتها على الإطاحة بنظام الأسد وعدم مقدرتها على ثني إيران عن مشروعها النووي والتحول بدلا من التهديد والعنف إلى التقرب من إيران، أما دولة الاحتلال فقط أحرجت الولايات المتحدة أكثر من مرة من خلال عناد نتنياهو وعدم إلتزامه بأي تصريح أو طلب أمريكي من دولته.
لم يتبق للولايات المتحدة هيبة ولا مصداقية على مستوى العالم وتحديدا في المنطقة العربية وما يجاورها (منطقة الشرق الأوسط) وخاصة في ملف التفاوض بين الفلسطينيين والاحتلال نظرا لأنهم طرف غير محايد وغير قادر على تمرير رؤاه كقوة عالمية ملزمة للأطراف المتصارعة.
ضم الأغوار من شأنه أن يطيل عمر الصراع ويدخله في مراحل جديدة ولن تكون المفاوضات هي الشكل الوحيد للنضال وإنما سيجد الفلسطينيون أنفسهم أمام خيارات أخرى كثيرة منها الانتفاضة الثالثة والمقاومة الشعبية والسلمية والمدنية والعمليات المسلحة وفتح الإحتمالات على مصراعيها.

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

شارع النفق المسؤولية والتداعيات



شارع النفق المسؤولية والتداعيات
د. صلاح الوادية
كاتب وباحث سياسي
يعيش قطاع غزة أزمة حقيقية في مياه الشرب من حيث حجم الاستهلاك وعدم صالحيتها للشرب وتلاشيها على الأمد البعيد، وهو الأمر الذي حذر منه سابقا وزير الزراعة في الحكومة المقالة حيث قال أن أكثر من 95% من المياه الجوفية في قطاع غزة غير صالحة للشرب أو الاستخدام الآدمي بشكل عام، ما ينذر بانتشار العديد من الأمراض والأوبئة في صفوف المواطنين، كما طالب المواطنين بترشيد الاستهلاك حفاظا على الحد الأدنى الممكن من المياه الصالحة للشرب.
حكومة تعي درجة الخطر المحدق بالمواطنين وتحذر منه وجب عليها أن تعمل كل السبل الممكنة لدرء هذا الخطر، أو تبتدع حلول ممكنة وواقعية، أو تعلن عن عدم مقدرتها على حل مشاكل المواطنين، وبالتالي غير قادرة على إدارة الحياة اليومية للمواطنين.
عندما بدأ الحديث عن قدوم منخفض عميق للمنطقة وبأن فلسطين سينالها نصيب كبير من حمولة هذا المنخفض من مياه وثلوج سارع المسؤولون في حكومة غزة من وزارة التربية والصحة والبلديات وأولها بلدية غزة والأشغال للإعلان عن جاهزيتها لاستقبال المنخفض وأنها قامت بفحص وتنظيف مصافي الأمطار لاستيعاب الكميات المتزايدة من الأمطار، وكنت أتمنى أن يتم الإعلان عن عدة مشاريع إبداعية لاحتواء مياه الأمطار وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب في ظل أزمة المياه الحالية ولكن هذا لم يتم.
جاء المنخفض وضرب فلسطين بقوة أحدثت أضرار عديدة في الضفة الغربية تصل كلفتها الملايين نتيجة الحجم المهول للثلج الذي أصاب قطاع الزراعة، أما قطاع غزة فاتضح أن مصافي الأمطار ليست نظيفة كما تم الإعلان عنها ومناهل الصرف الصحي أغرقت الشوارع نتيجة الأوساخ التي بها، والطامة الكبرى كانت في مدينة غزة في شارع النفق المجاور لبركة الشيخ رضوان التي يتم تجميع مياه الأمطار فيها ومن ثم إعادة ضخها آنيا إلى البحر عبر مضختين إحداها متوقفة عن العمل منذ سنوات، حيث تم تعطيل المضخة الوحيدة التي تعمل مما أدى إلى تراكم مياه الأمطار من عدة أماكن في بركة الشيخ رضوان وتزايدت بشكل متسارع فامتلأت وبدأت تخرج منها المياه العادمة ومياه الأمطار نحو المنطقة المنخفضة المجاورة لها وهي شارع النفق فأغرقت الشارع بأكمله تقريبا وبه عشرات البيوت التي أصبحت تحت المياه جزئيا أو كليا مما أدى إلى خروج السكان إلى المدارس كمأوى والبعض ما زال صامدا في بيته ولكن في الطوابق العليا التي لم تصلها المياه، وما زال شارع النفق وبيوته غارقة في المياه العادمة ومياه أمطار المنخفض الذي أعلنت حكومة غزة استعدادها له حتى الآن.
هنا يثار إتهام بين أوساط العامة من سكان المنطقة بأنه تم إيقاف المضخة عمدا حتى تحدث حالات غرق تصلح للبكاء على معاناة الغرقى من قبل المسؤولين لاستجلاب الدعم من الخارج، شخصيا أستبعد ذلك وأقول بأن السبب هو إهمال من قبل المسؤولين بدءا من رئيس البلدية وحتى الشخص المسؤول عن تشغيل تلك المضخة، ويجب محاسبتهم عن معاناة الناس ومحاسبة كل من أعلن عن جاهزية مؤسسته وهو غير جاهز بالمطلق لما فيه من استخفاف بعقول المواطنين، ولو حدثت تلك الكارثة في دولة محترمة لديها حكومة قادرة على إدارة شؤون المواطنين لتم محاسبة شريحة واسعة من المسؤولين وعلى رأسهم رئيس البلدية، فالمحطة تم إيقافها فعلا، أما السبب فهو غير معلوم بعد، وإن كانت الحجة نقص الوقود فالحكومة هي المسؤولة عن أزمة الوقود وليس الناس الأبرياء.
جدير بالذكر أن بيوت الأسر المتضررة لن تصبح صالحة للسكن بعد أن تنحصر المياه عنهم لأنها ضربت الأساسات، والمصانع والمحلات كلها أعدمت، فهل سيتم تعويض المتضررين بالحجم الحقيقي لضررهم أم هي أزمة وستنقضي بأقل التكاليف.

salahwadia@gmail.com

الأحد، 22 ديسمبر 2013

المفاوضات وحق الإقرار الشعبي



المفاوضات وحق الإقرار الشعبي
د. صلاح الوادية
كاتب وباحث سياسي
ما يقارب العقدين من المفاوضات الحثيثة في حياة القائد عرفات الذي أقر في نهاية المطاف بعقم المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي المماطل، لم تنجب هذه المفاوضات إلا اتفاقا غير رحيم بالفلسطينيين أضاع عليهم الوقت وأهدر حقوقهم في فلسطين التاريخية وكبلهم جغرافيا واقتصاديا، المفاوضات هي التي دفعت الراحل عرفات إلى مقاومة المخرز تسليما لأذاه على أن يغض البصر عن مخاض محتمل مشوه لتلك المفاوضات.
السيد الرئيس محمود عباس يؤمن كل الإيمان إيمانا بالثلاثة أن الحل الوحيد والأمثل والأنجح والأنجع هو المفاوضات (المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات)، رغم أنه يعتصر ألما كل يوم من نتائج المفاوضات السابقة التي جلبت الحواجز والتقسيم وفقدان الجغرافيا وضعف التسليح والتكبيل الاقتصادي المجحف باتفاقية باريس غير العادلة، والتصريح الشخصي لسيادته بالتنقل على الأرض الفلسطينية، والاقتصاد الفلسطيني الذي قوامه معبر إسرائيلي التحكم، وإدارة حياة المواطنين يوم بيوم، وموازنات تتطلب التسول قبل نهاية كل شهر، ومستوطنات تنهش جسد الوطن بالكامل، وغيرها الكثير من مآسي أوسلو يعيشها الرئيس عباس يوميا وساعة بساعة هو دون سواه، ومع ذلك لا يؤمن سيادته إلا بالمفاوضات.
مفاوضات اليوم لا تختلف عن الأمس قيد أنملة إلا بوجوه الرعاة والمفاوضين، هل سيكون الطرف الأمريكي محايدا اليوم بخلاف الأمس، حيث كان يعرف أن الطرف الفلسطيني يعاني ضغوطا أكبر بكثير من قبل الأمريكان مما يعانيه من الطرف الإسرائيلي، بالمطلق لا لن يكون حياديا والدليل التهديد المتكرر للطرف الفلسطيني بوقف المساعدات، والالتزام المطلق بأمن إسرائيل، وتقديم الأمن في التفاوض على الحدود عكس رغبة الطرف الفلسطيني وتسايرا مع رغبة الطرف الاسرائيلي، والحلول النتقالية، ومع ذلك تستمر المفاوضات، مع علمنا المطلق بعدم رغبة إسرائيل في الوصول إلى حلول ومع ذلك نعول على إحراجها دوليا.
الرئيس عباس وعد الشعب الفلسطيني بأنه لن يوقع على أي اتفاق مع الجانب الإسرائيلي إلا بعد أن يخضع هذا الاتفاق لاستفتاء شعبي كامل وأنه سيلتزم بنتيجة الاستفتاء، هذا جيد ولكن هل حقا سيتمكن الرئيس عباس في حين تم التوصل إلى حل أن يقول لكيري أو من وراؤه تمهلوا حتى أرى رأي الناس، وإن كان كذلك فلماذا لا يتم إخضاع قرار الاستمرار في التفاوض والتمديد لعام آخر لاستفتاء شعبي، نظرا لعدم نجاعة تلك المفاوضات بات من الضروري الاحتكام للشعب ليصادق على أو يرفض البرنامج السياسي التفاوضي للسيد الرئيس، وحينها يكون الرئيس له سندا شعبيا في قوله لا أو نعم، أن يوقف المفاوضات أو يستمر فيها، ويستطيع أن يسكت الجميع أو أن يلتزم كونه مواطنا فلسطينيا بالأساس للإجماع الشعبي.
تحدثنا كثيرا مسبقا عن براعة وقدرة وتفرد الطاقم المفاوض برئاسة عريقات وهل هو حقا منقطع النظير، ولديه نظرة ثاقبة في رغبته الدائمة بالتفاوض، وأن الحياة السياسية الفلسطينية بات محورها التفاوض، قبل ذلك كان أبو العلاء قريع ومحمد دحلان وحسن عصفور أقوى المفاوضين إلى جانب عريقات ويؤمنوا إيمانا مطلقا في المفاوضات اليوم نجد هؤلاء يعلنون ليلا نهارا أن المفاوضات بشكلها وبرنامجها الحالي هي مضيعة للوقت وخطرا حقيقيا على المشروع الوطني الفلسطيني، وأعتقد جازما أن صائب عريقات يوما ما سيكتب عن سلبية المفاوضات وسيحذر من عدم جدية المفاوض الاسرائيلي وعدم حياد الراعي الأمريكي وسيعلن عن رفضه للتفاوض مستقبلا نتيجة لخبرته الطويلة مع الطرف الاسرائيلي.
يجب العودة إلى الشعب ليقرر ما هو مفيد له وما هو غير مفيد له، ما يرغب فيه وما لا يرغب فيه، المستقبل الفلسطيني ملك للجميع ولا يجوز رسمه بعيدا عن الكل الوطني والإجماع الشعبي.