الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

دوافع حركتي فتح وحماس في التوجه نحو المصالحة

سيئة السمعة، بكل تفاصيلها ومراحلها، كان مشكوك في أمرها ولم تكن مقنعة ولن تكون، المصالحة الفلسطينية، التي هللنا لها وهي في مكة وقطر واليمن والقاهرة، وقابلت فرحنا بها بهجر ومقاطعة لا تنتهي، فقد الناس الثقة بالمصالحة والمتصالحين منذ وقت ليس بقصير، وكل جولة نقول ربما تكون الحاسمة والأخيرة أيضا يفشلونها، إذن ما الذي قد يدعونا للتفاؤل هذه المرة وما الذي قد يقنع الناس بأن لقاء عباس - مشعل ربما يكون مثمرا لا مجرد تبادل التهاني لسيطرتهم على الوطن بإحكام.
إذا تناولنا بشيء من التفصيل ظروف حركتي فتح وحماس وفلكيهما اللذان تدوران بهما ربما نجد بارقة أمل بأن المصالحة هذه المرة جدية، وبأنهم ذاهبون لينهوا معاناة الفلسطينيون التي بدأت على أيديهم بسب انقسامهم وتقاسمهم الوطن، فحركة فتح قد تكون مدفوعة تجاه المصالحة بعدة عوامل أهمها :

1.      تشتتها على الصعيد الداخلي، حيث تعاني من ضعف في المرجعيات والأسس التي تبدلت من الكفاح المسلح إلى تبني الخيار التفاوضي فقط، وعدم التواصل مع كل الكادر التنظيمي في قطاع غزة، وتكرار الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت به سابقا في غزة بالخلط بين الحركة والسلطة والانشغال بالسلطة على حساب الحركة، أيضا بوادر الانقسام الداخلي غير المعلن الذي تطول حوله النقاشات يوميا والذي جاء بعد قرار فصل السيد الرئيس للسيد محمد دحلان عضو اللجنة المركزية للحركة، وبالتالي هي بحاجة لرأب الصدع ولملمة الجراح والعودة لغزة.
2.      تمسك الرئيس عباس بخيار التفاوض بشكل دائم على الرغم من وضوح نية الجانب الإسرائيلي بعدم رغبته بالسلام وفشل المفاوضات مرارا وتكرارا، ومن ثم عودة السلطة لهذا الخيار أيضا مرارا وتكرارا، ومؤخرا تبنى الرئيس لفكرة التوجه للأمم المتحدة من أجل نزع اعتراف أممي دولي بالعضوية الكاملة في مجلس الأمن، ولكن للأسف مرحليا باء هذا الخيار بالفشل والذي يستحوذ الانقسام الفلسطيني على الجزء الأكبر منه، وبالتالي سقوط خيارات الرئيس عباس مقابل الرفض والتعنت والعنصرية الإسرائيلية وأصبح ليس أمامه أهم من خيار العودة للخندق الفلسطيني.

3.      بعد نجاح حركة حماس في سيطرتها العسكرية والأمنية على قطاع غزة، ونجاحها في ضبط حدود القطاع مع إسرائيل بنسب تفوق المتوقع بل نسب تفوق النسب التي كانت تحققها السلطة في غزة في نفس المضمار، واثبات حماس لإسرائيل أنها الأجدر لأن تكون شريك سلام والإمساك بزمام السلطة ليس في غزة فقط وإنما في الضفة أيضا إن شاءت الأقدار، وبالتالي إحساس أبو مازن بعلو نجم جهة فلسطينية منافسة له قادرة على انتزاع مكانة منظمة التحرير على الصعيد الداخلي والخارجي، مما يضعف فرص تربعه الدائم على عرش قبول المجتمع الدولي له وللمنظمة والعلاقات المميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لذا الشراكة مع حماس قد تكون أفضل من الاستبدال.
4.      ما كان يجعل عباس رهنا للقرار الأمريكي سابقا شارف على الانتهاء، فعدم ثقته بالزعماء العرب الذين قد يتخلوا عنه إذا ما تخلت عنه الولايات المتحدة وأوقفت عنه الدعم المباشر وغير المباشر والدعم الغربي قد انتهى بعد الثورات العربية التي أتت وستأتي بجهات حاكمة تأخذ بعين الاعتبار الغضب الشعبي الذي قد يتصاعد إذا ما سارت  على النهج السابق، وربما تكون قادرة على مد يد العون لعباس إذا ما أدار ظهره للولايات المتحدة و إسرائيل وأقبل على المصالحة.
5.      ضرورة العودة للأمم المتحد للمطالبة بعضوية كاملة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويجب أن تكون هذه المرة السلطة محققة سيطرتها على كامل الأراضي الفلسطينية، وفئات المجتمع والشعب جميعا خلفها، حتى لا يتسنى لأي جهة أخذ الانقسام ذريعة لرفض طلب العضوية.
      أما فيما يتعلق بحركة حماس فقد تكون أسباب توجهها نحو المصالحة بصدق هذه المرة هي:
1.      بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة أصبحت حماس ليست مجرد تنظيم مقاوم وإنما حزب سياسي له أهداف سياسية معلنة بالسلطة، إلى جانب أن مؤسساتها كبرت وتطورت وتحولت إلى حكومة فعلية بموظفين ووزراء وأجهزة أمنية وعسكرية، إضافة إلى جسد الحركة الذي ربما كبر بتدافع الأجيال، أما فيما يتعلق بجهازها العسكري فهو أصبح منظومة عسكرية متكاملة، الأمر الذي يعزز ثقتها بقدرتها على حكم وإدارة ما هو أكثر من قطاع غزة في المستقبل، وهذا ربما يتحقق بالانتخابات حاليا أو بتغير المنهج والبرنامج والعلاقات الخارجية فيما بعد.
2.      بعد الوهن الذي أصاب المحور الإيراني – السوري ويتبعهم حزب الله وحماس نتيجة الثورة الداخلية في إيران والهجوم الأمريكي- الغربي- الإسرائيلي الدبلوماسي الإعلامي على إيران، والثورة الشعبية في سورية التي فرضت على حماس البحث عن بديل للمكان، وبناء عليه أصبح لزاما على حركة حماس الخروج من هذا المحور سالمة وإيجاد جهة ممولة غير إيران وجهة مستضيفة غير سورية، هذا يدفعها للتوجه نحو العرب الذين أولى اشتراطاتهم  إتمام المصالحة.
3.      علو أفول تنظيم الأخوان المسلمين في الدول العربية بعد ظهور نتائج الثورات العربية، حيث نجح حزب النهضة الإسلامي في تونس، وصعود نجم الإخوان في باقي البلاد العربية وتحديدا مصر، وبداية قبول أمريكي – غربي للإخوان، وبداية تشكيل علاقات جديدة على أسس واسعة قوامها استبدال الدكتاتوريات القديمة البالية بحكم إسلامي معتدل جديد قادر على الوفاء بالتزاماته وقادر على بسط السيطرة الأمنية والإيفاء بتعهداته، وربما يكون لحماس الفضل في تقديم النموذج الإخواني الأول حول قدرة الوفاء بالالتزامات الأمنية من خلال تحقيق الهدنة والمقدرة على السيطرة الداخلية من خلال بسط الأمن، وبما أن حماس هي جزء من هذا التنظيم الإخواني الكبير الذي باتت ملامح علاقة تزاوج جديدة بينه وبين الولايات المتحدة والغرب تظهر للملأ، إذن هناك احتمالات كبيرة وربما إيحاءات من الولايات المتحدة بأن تكون حركة حماس (التنظيم الإخواني) هي البديل لحركة فتح في السلطة والشريك القادم لإحلال السلام، وهذا يحتم على حماس الخروج من الدائرة الفئوية الصغيرة لتبدأ بحوار وحديث مختلف عن سابقه وتذهب باتجاه الضفة عن طريق المصالحة أو الانتخابات.
4.      ضعف موقف السلطة الفلسطينية بعد إخفاق معركة أيلول الدبلوماسية وتلويحها بحل السلطة أعطى انطباع لحركة حماس بأن مرحلة فتح ومنظمة التحرير بشكلها الحالي قد انتهى وأن المرحلة القادمة من نصيبها، وفي رد محمود الزهار القيادي في حركة حماس على تصريحات قيادات من السلطة بإمكانية حل السلطة (بأن ليس لأحد الحق في حل السلطة ومن يجد في نفسه عدم المقدرة عليه التخلي عنها)، يوضح أن حماس ترى في نفسها المقدرة على استلام زمام السلطة، ولكنها يجب أن تتسلمها هذه المرة بطريقة شرعية وتوافق ورضا شعبي لتنال الرضا العربي والدولي.

حماس سوف تتنازل عن فكرة دولة قطاع غزة لأنها كمشروع إخواني ناجح أصبحت تريد الوطن وهذا سوف يدفعها للمصالحة.
وردا على التساؤل حول إمكانية تقبل إسرائيل لتواجد حمساوي في الضفة؟، نعم إسرائيل قد تتقبل مشاركة حماس في المؤسسات الأمنية إذا ما تم التوافق على شكل المؤسسات وحجم تسليحها وقادة هذه المؤسسات، وأهم من ذلك إذا ما تم التوافق بين فتح وحماس على البرنامج والمنهج مثلما صرح الرئيس عباس، فإذا ذهب أبو مازن تجاه مربع حماس خطوة أي تجاه المقاومة فعلى حماس أن تقدم خطوة مقابلها تجاه مربع أبو مازن أي تجاه  المفاوضات وإن كان بشروط، وقبل ذلك حماس أقرت للمنظمة إمكانية التفاوض تحت بند إعطاءها فرصة، أيضا تدخل مصري – إخواني مستقبلي لإعمال هدنة طويلة الأجل في الضفة على غرار تجربة غزة إذا ما نجحت حماس في الانتخابات قد يقرب وجهات النظر.
لا يوجد في السياسة (لا يمكن، لن، مستحيل، لا يجوز) فإذا تم تلاقي المناهج والبرامج بين حركتي حماس وفتح قد تتلاقى وجهات النظر حول كل شيء.
الناس بحاجة للمصالحة وفتح وحماس بحاجة لها أكثر لتحقيق أهداف وطموحات محتملة التحقيق، كما أن إتمام المصالحة يهدم الجدار العازل الاجتماعي الذي شيده الانقسام في كل بيت وفي كل شارع.

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

فلسطين الوطن .. ودولة فلسطين


كنت أطالع مقال جميل للزميل ناصر اللحام الذي نقلني من غزة إلى دول الكاريبي وإلى حقب زمنية مضت, وخلال قراءتي للمقال استوقفتني بين السطور (فلسطين التاريخية) ووقفت مع ذاتي برهة ثم عدت لأستكمل قراءة المقال ولكن تلك الكلمتان لم يغادروا ذهني حتى بعد أن خرجت من البيت, فعندما أسمع الآخرون أو حينما أكتب أنا فلسطين التاريخية أشعر بأنني أتحدث عن شيء ذهب بلا عودة لا الآن ولا مستقبلا، وكأنني أسمع الدولة الرومانية أو الحقبة العثمانية أو شيء ذهب أدراج الرياح ولا نبكي عليه ولا نحاول إحياؤه دوما إلا في ذكرى النكبة التي باتت تمر مرور الكرام, هي دولة في التاريخ كانت فيما قبل واليوم من يتحدث عن وجوب وجودها أو عودتها كحق له أصول إنما هو خرف لا يفهم السياسة جيدا ولا يعي الواقع.
لنعد سويا إلى 1891 حينما بدأ ثيودر هرتزل يشكل أفكاره الصهيونية الخاصة بإقامته وطن قومي لليهود نتاج ما تعرضوا له من اضطهاد في أوروبا, هو لم يفكر بداية في فلسطين وإنما فكر بوطن قومي لليهود ورغم أن فكرته لم تنجح في حياته إلا أنها عاشت وترعرعت وكبرت وتحققت بعد موته, هذا الحالم الصهيوني حلم بوطن وعمل جاهدا ليحققه ولكن الأهم من ذلك أنه كان مقتنعا في قرارة نفسه وأقنع الآخرين من يهود وصهيونيين ودول عظمي بأن اليهود يجب أن تكون لهم دولة, وفيما بعد من ساروا على نهجه وقناعاته اقنعوا العالم بأنهم أصحاب حق في فلسطين وأن لهم هنا تاريخ وهيكل وحائط مبكى وصنعوا لهم تراث وجعلوا أصحاب الأرض الذين تم اغتصابهم واغتصاب أرضهم يعترفون بهم والأنكى من ذلك أن ننسى فلسطين ونطالب بجزء يسير منها, هذا هو الطموح اليهودي.
وإذا تمعنا جيدا في الحديث الرسمي للسلطة الوطنية ولمنظمة التحرير الفلسطينية وفي المفاوضات وأمام الأمم المتحدة نجد أن الحديث كل الحديث يدور حول الأراضي المحتلة عام 1967, وإقامة الدولة الفلسطينية على حدودها ومحاولة إقناع العالم ليل نهار بمقعد كامل العضوية, والاستماتة في المطالبة بالحق الفلسطيني المتمثل بأراضي 1967, ومعنى ذلك أننا إذا حصلنا على دولة في حدود الرابع من حزيران 1967 فإننا سنوقع لإسرائيل على مصوغة بكامل وباقي أراضي فلسطين وبهذا ستحصل إسرائيل على مصوغة قانونية وسند قانوني بتنازل الفلسطينيون عن معظم الأراضي الفلسطينية مرة واحدة والى الأبد ( ليس معنى هذا أنني أعارض إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 ولكن لنمعن في التسميات ولنعلي سقف مطالبنا).
الإسرائيليون يستميتوا حتى لا نحصل على اعتراف دولي بدولة فلسطين ومقعد كامل العضوية في الأمم المتحدة, حتى لا يجبرهم القانون الدولي والمجتمع الدولي من الانسحاب من الدولة التي يحتلونها في حال حصولنا على دولة, وهم يعلمون جيدا أن سقف هذه الدولة المنشودة الأراضي الفلسطينية المحتلة  عام 1967 أي ما يقارب 22% فقط من فلسطين وفي المقابل لا يقبلون ويتعنتون ويجابهون ويعتبرون ذلك أم الكوارث، وأنا مستغربا جدا من غبائهم وتعنتهم الذي سيقتلهم فأصحاب الأرض يعطونك ما يقارب من 80 % من أرضهم بسلام مقابل أن تترك لهم 20 % لا تسمن ولا تغني من جوع والإسرائيلي يرفض, لماذا؟ لأن طموحه أكبر من ذلك ويتعدى فلسطين, أما نحن فطموحنا جزء يسير من الأرض وجزء يسير من السكان الأصليين، وحجتنا في ذلك أننا ضعفاء.
ليكن ذلك ولتكن الدولة المنشودة وأنا أؤيد وبشدة إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 ولكن بلا تنازل عن باقي فلسطين ولنسمي الأمور بمسمياتها ليس من أجلنا وليس لليوم إنما من أجل الغد وأجيال قادمة قد يكون عزمها أقوى من عزمنا وقد تكون ظروفهم أفضل منا وقد يكون طموحهم أكبر من طموحنا, فبدل أن ننادي أمام المجتمع الدولي بحقوقنا داخل أراضي 1967 لنطالب بحقوقنا التي سلبت عام 1948، لنطالب ببيوتنا هناك ومساجدنا وكنائسنا هناك، لنطالب بحيفا ويافا وعكا وصفد، لنطالب بحقوق أجدادنا, بدل أن نخبر أولادنا بأننا نصارع لأجل دولة على حدود 1967, كيف سيعطينا الإسرائيلي دولة بكامل حدودها التي نطالب بها وسقف طموحاتنا ضئيل, علينا أن نطلب الكثير لنأخذ الأقل, علينا أن نعيد ذاكرة العالم إلى ما قبل 1967, إلى ما قبل 1948، حينما كانت فلسطين كل فلسطين للفلسطينيين، وهؤلاء الحفنة الذين أنشئوا دولة أسموها إسرائيل داخل فلسطين إنما هم غزاة وليسوا أصحاب أرض, إن المحرقة الإسرائيلية المدعاة كانت قبل إقامة إسرائيل ولكنهم كل يوم يعيدوا ذكراها أمام العالم أجمع ويبكوا عليها هم وأطفالهم وشبابهم ليكسبوا تعاطف العالم ونحن ننسى المذابح والجرائم ولا نذكرها وكل ما نذكره اليوم دولة في حدود 1967, أكاد أجزم أن مفاوضنا الهمام في أي مفاوضات قادمة سوف يتنازل عن 50 % من ما يطالب به اليوم وأكثر.
يجب علينا أن نخبر العالم قصتنا وكيف بدأت لا إلى أين وصلت, كم كان حجم أرضنا وحلمنا وكيف تضاءلت الأرض وتقزم الحلم, علينا تغيير خطابنا الرسمي لتدخل في كل مكوناته فلسطين، حتى مناهج أبناؤنا يجب أن تدخل فيها فلسطين, والطامة الكبرى قبل أيام وقع بين يدي  كتاب من المنهاج الفلسطيني ووجدت فيه للأسف خارطة الأراضي الفلسطينية وهي غزة والضفة والغربية, أين نحن من الحلم الإسرائيلي لنطالب بدولة, نحن على الأرض ونطالب بجزء منها وهم كانوا مشردين وطالبوا بها كلها, نحن أصحاب حق مؤكد وتاريخ قريب لم ينسى بعد على هذه الأرض وندرس أبناؤنا تاريخ مغلوط وجغرافيا مشوهة, وهم لا تاريخ لهم ولا حق لهم ويعلمون أبناؤهم أن هذه الأرض كل الأرض هي الوطن القومي التاريخي لليهود .
في وجداني ووجدانك ووجدان الساسة الفلسطينيون جميعا تسكن فلسطين ولكننا على ما يبدو نظرا لضعفنا وقلة حيلتنا بتنا نخجل أن نذكرها أو نطالب بها فمن بطالب بها اليوم  في ظل موازين القوى الحالية وفي ظل البطش والغطرسة والتعنت الصهيوني إنما هو مجنون أو غبي سياسيا, فلسطين ليس تلك التي نطالب بها وإذا أردنا أن نحصل على ما نطالب وما هو طموحنا وسقف غاياتنا وأحلامنا لنطالب بفلسطين التي تقع بين نهر الأردن شرقا والبحر الأبيض المتوسط غربا, وبين الحدود اللبنانية الجنوبية شمالا ورأس خليج العقبة جنوبا ومساحتها ما يقارب 27000 كيلومتر مربع, وعاصمتها القدس العربية  لا شرقية ولا غربية.
تلك هي فلسطين التي يجب أن نذكرها ونذكر العالم بها، وأنا لا أتكلم عن خيال وإنما طول نفس وتفاوت أجيال وحق لا يموت ولا يفنى بالتقادم, قد نأتي بدولة فلسطينية على حدود 1967, وقد يأتي آخرون منا بدولة على جزء تحرر من الأرض الفلسطينية كما يعتقد, ولكن يوما ما ستأتي فلسطين الوطن بنا أو بغيرنا, وعندما نأتي بدولة على مقاس خاص هذا شأننا وشأن جيلنا ولكن ليس من حقنا أن نورث هذا الحلم الأعرج لأبنائنا على أنه الوطن، لأن الوطن هو فلسطين.

الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

حماس تقفز من المركب الإيراني السوري

انتشرت الثورات العربية انتشار النار في الهشيم، حطمت ممالك وديكتاتوريات وأتت على طموحات الحكم الأبدي لكل من يؤله ذاته ولا يقبل بالعيش كمواطن عادي وإنما رئيس دولة فقط، ولكل ثورة خصوصياتها ومعطياتها وبداياتها ونهاياتها التي تنفرد بها كليا عما عداها من  الثورات، ولكن كل الثورات العربية اتفقت في شيء واحد وهو التخلص من الظلم الجاثم على صدور المواطنين الأحرار منذ عقود.
تشجع السوريين أخيرا وكسروا القالب البوليسي الذي وضعتهم فيه الطغمة الحاكمة المستبدة، وخرجوا إلى الشوارع، فعائلة الأسد عائلة كبيرة ومترامية مصالحها في كل سورية، وينهبون خيرات البلاد بشكل يومي ومنتظم، آن الأوان لطردهم وغسل الشام من عارهم، فهم فئة قليلة تظلم فئة كثيرة، وهم طائفة صغيرة تظلم الطائفة الأكبر والأعرق في تلك البلاد وبلا حرج وبتغني في القتل والحرق والتدمير، لقد آن أوان التغير.
منذ بداية الثورة السورية والفصائل  الفلسطينية المتواجدة في سورية اتفقت على سياسة الحياد، ولكن هذا لم يدم فكان لزاما عليها إتخاذ موقف واضح ومترجم على الأرض، وبعد صمت وتقلب في المواقف أعطت الفصائل موقفها، فالفصائل المنشقة عن منظمة التحرير وقفت بجانب النظام وأظهرت ولائها بشكل واضح وجلي، وبعض الفصائل الأخرى تساند النظام ولكن بدون موقف معلن، أما حركة حماس فقد أعلنت أخيرا أنها تساند خيار الشعب السوري ومع نيل حريته وتطبيق الإصلاحات، وبذلك حماس تكون اختارت الشعب السوري والعربي، وقدمت استقالة واضحة وصريحة من محور ما يسمى بالممانعة أو ربما حصلت على الكرت الأحمر وتم استبعادها من هذا المحور.
لطالما احتد الصراع والحرب الباردة بين محور الممانعة المتمثل في إيران وسورية وحزب الله وحماس وفصائل فلسطينية أخرى ومحور الاعتدال المتمثل آنذاك بمصر والسعودية والأردن والإمارات والسلطة الفلسطينية وغيرهم، وكثيرا ما لعبت إيران وسورية في المنطقة عبر حزب الله وحماس، ولطالما كان لإيران دورا في القضية الفلسطينية وهكذا سورية، وكثيرا ما شعرنا أن سورية تجلس على طاولة الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، وتم إلقاء التهم بالتبعية والرجعية والتخوين من قبل الممانعين وكأنهم مقاومون حقيقيون واتضح مؤخرا أنهم أبطال حرب ومقاومون وجزارون ولكن ضد شعوبهم والتجربة تمتد، كما أن محور الاعتدال بشكله المتخاذل انتهى بانتهاء مبارك، وجاءت مصر القوية مصر التي تحمل اللاءات والمطالب وعدم الخنوع وانتقلت هي إلى رأس الممانعة بعد أن فرط عقد الممانعين، خيرا فعلت حماس حين تركت هذا المحور الطائفي ذو المذهب الواحد.
نسمع أن حماس غير قادرة على توفير رواتب موظفيها وبأن هناك ضائقة مالية سببها فقدان التمويل من إيران وسورية كما يقول بعض الكتاب وتترامى بعض الأخبار، وكنت قرأت أن تمويل حماس 70% منه ضرائب من الغزيين و30% أو أقل تأتي من الخارج، وإن كان ذلك صحيح فعلى حماس أن تتعلم كيفية التعايش مع هذه النسبة فموقفها من الشعب السوري هو شرف لها ولنا وإن كان الثمن التمويل فلتبحث عن بدائل مرضية في إطار الوطن.
موقف حماس يستحق الاحترام حتى وإن كان سببه أنها رأت مصالحها في ذلك، ولكنه موقف يستحق التقدير، فحماس بعد أن خرجت من هذا المحور أصبحت عارية بلا ممول حقيقي وبلا مساند سياسي وعسكري نظامي، ولكنها في الغالب تعول على التغيير المصري وعلى ضرورة إحتصان مصر الجديدة مصر الثورة لها، ونتمنى لها الثبات في موقفها من النظام السوري وأن تجعل الفجوة الحالية هجر وطلاق بائن.
لقد عانى السيد الرئيس كثيرا من بعد المسافات والمرجعيات بينه وبين حركة حماس ومن النفوذ الدمشقي على حركة حماس، أعتقد أن الآن الوقت المناسب جدا للملمة البيت الفلسطيني ووضع حماس أمام مسئولياتها ورص الصف الوطني خاصة وأن هناك التقاء في البرامج و المرجعيات العربية والهدف السياسي، على حماس وفتح استغلال الفرصة وردم الماضي والمضي نحو أفق وطني أفضل، فالمصالحة هي طوق النجاة لحماس ولفتح وأن انتظار نتائج أيلول لإتمامها أو تمديد مرحلة التسويف هو خطأ سياسي.
على مصر الثورة مد اليد لحركة حماس لإنقاذها من الغرق بعد أن قفزت من المركب الشيعي وتوجهت نحو الشاطئ العربي.

Salah_wadia@hotmail.com
http://salahwadia.blogspot.com

 

الخميس، 18 أغسطس 2011

وطن على وتر قطع الوتر

وتر بلا وطن، هكذا يجب أن تكون التسمية السليمة للبرنامج الساخر الذي يعرض على تلفزيون فلسطين، ليس لأن هذا رأيي ولكن لأن الممثلين في هذا البرنامج لم يبقوا على شيء في هذا الوطن إلا وسخروا منه، ولم تبقى قيمة واحدة ولا ظاهرة فلسطينية ولا شخصية وطنية إلا ونالوا منها، وكأن من خلف هذا البرنامج يريد أن ينتقم من الجميع بهذا الهزل الصاخب غير الموزون، رغم أن هذا البرنامج قد ابتدأ بداية حسنة وإيجابية، حيث كان يناقش القضايا الملحة والحرجة للشارع الفلسطيني والتي تزعج المواطن، وكان هذا الهدف من عرضه وهو معالجة القضايا المجتمعية، ولكن بعد أن انتشر بسرعة مهولة ونال إعجاب الناس البسطاء العاديين والمسئولين معا، وبدأت علاقات ممثليه وتحديدا المهرج الأكبر عماد فراجين تتسع وتمتد رأسيا ووجد أن برنامجه يلقى قبول كبير بين الأمراء والحاشية الشئ الذي دفعه إلى الغرور وتوسيع دائرة استهدافه لتنال من كل الوطن.
يظهر للعلن أحيانا أنه إعلام حر وهادف ويتناول هموم المجتمع وهذا صحيح حين يتحدث عن قضايا الشارع, وأحيانا يكون برنامج صغير وموجه وناعق حين يرمي النكات ليضحك المعلم بملء فمه ويطرب بتصفيقه له، وربما حازوا على أفضل برنامج في الإعلام الرسمي, كما أنهم يجاملون أحيانا المعلم على حساب الأصغر والأكبر من المعلم، وغالبا ما يدفعهم غرورهم لا حياديتهم للاستهزاء من قادة عظماء فلسطينيين وغيرهم وفي الغالب هؤلاء القادة لا يحتملوا النقد أو حتى الإتيان على ذكر أسماءهم، حتى تكالبوا جميعا على البرنامج ورفعوا قضايا للنائب العام، وفي نهاية المطاف سخروا من النائب العام ذاته.
فعلا أمتعتمونا كثيرا وشفيتم صدورنا مرات كثيرة حين تناولتم قضايا تهم المواطنين بالدرجة الأولى، ولكن حين تحول البرنامج إلى تصفية حسابات وتهديدات والتلويح بالبرنامج في وجه الغير أصبح البرنامج عبئا علينا وبلطجة جديدة من نوع آخر بلطجة إعلامية لا تحتمل وجب ردمها ووقفها ووضع مسئول الإعلام الرسمي أمام مسئولياته.
لقد قرر النائب العام وقف البرنامج، وذلك لأن وطن على وتر تناول بسخرية مقامات لا يجب أن تطال كما قال النائب العام، نعم وطن على وتر نال من كل الوطن، ولكن لطالما نال من كل شيء ولم يوقفه أحد لماذا يتم وقفه اليوم رغم أني مع وقفه ولكن لطالما نال من كل شيء ولم يوقفه أحد، قولوا لنا لماذا الآن انتبهتم إلى سخريته من مقامات رفيعة.
وبمناسبة مسئول الاعلام الرسمي أتوجه بحديثي للسيد ناصر اللحام الذي لطالما تغنى به الآخرون و بحياديته وجرأته ورزانته، نعم أنا لا أمدح ناصر اللحام ولكن هذا ما علمته عنه وما لمسته ولكن في الآونة الأخيرة بهتت لون الحيادية لديه وأخذ جانب وبشكل علني, كما أنه بمناسبة وبدون مناسبة يذكر إسم ياسر عبد ربه في مقالاته وما علاقتنا بذقن السيد عبد ربه حلقت أم لا، وهل الرئيس نادم، عزيزي د. ناصر اللحام أرجو منك لأننا أحببناك أن تحيد نفسك أولا وثانيا أن لا تستخدم مقالاتك لذكر أحد بلا مناسبة.
السيد ياسر عبد ربه يقول أن وقف برنامج وطن على وتر انتهاك لحرية الرأي والفن ويهدد المثقفين والكتاب ويطلب وقفة مع البرنامج، كما أنه سيتوجه إلى القضاء لنصرة برنامجه، إن كان لديه كل هذا العزم لنصرة قضية تخصه وحده فقط فلما لا ينتصر لقضايا الشعب المهزومة، فمن أهم المصالحة التي لم أسمعه يتحدث عنها بكل هذا الحنق أم برنامجه، إطلاق حملة للدفاع عن اللاجئين في سورية أم برنامجه، الخروج إلى الإعلام وإعلان فشل المفاوضات بشكل جرئ كان أولى من خروجك هذا، مهاجمة الاحتلال أهم من مهاجمة النائب العام الذي استفزه البرنامج فجأة، إن كان في وقف البرنامج انتهاك فكل يوم هناك انتهاك للحريات العامة ولحقوق الإنسان واعتقال صحافيين وتكتيم أفواه في أراضي السلطة الفلسطينية لما لم نسمع منك شئ إلا اليوم، يا سيد ياسر مللنا ألم تمل !!!.
Salah_wadia@hotmail.com

الأحد، 31 يوليو 2011

وطن على صفيح ساخن

فلسطين، هي الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني، وطنه الآن ووطن أباءه وأجداده، ووطن أبناءه، هي تلك الرقعة المقدسة التي باركها الله لعباده، فلسطين تعاني ما تعانيه اليوم من أزمات واعتلالات وسرقة وتقسيم وتهويد، تعاني مالا تتحمله اعتى الأمم، ورغم كل ما تعانيه هذه الارض الطيبة إلا أن أبناءها يزيدون طينها بله ويعتلون جراحها ويرقصون عليها بقصد أو بدون لا فرق طالما الألم واحد، لذلك أردت هنا ذكر ما استطعت حصره وحسب أهميته من قضايا تعيق تقدم الوطن الواحد الذي لم يوجد بعد سوى في وجداننا.

·        الاحتلال، مازالت فلسطين تقبع تحت الاحتلال اللقيط منذ أكثر من ستون عاما، بدد معالمها ولعب في تفاصيل وجهها وحفر قلبها، أتى على كل جميل فيها وترك الفتات من قديمها، حتى فتاتها جميل، ولم يتحرر من هذا الاحتلال سوى جزء صغير من الوطن الأم وهو غزة رغم أن الاحتلال يضرب عليها حصار جائر ظالم ضيق الخناق على سكانها وبدل مفاهيم الفرح لدى ناسها.

·        الاستيطان، أشرس أداة استخدمها الاحتلال لتثبيت وجوده، الذي يلتهم الأرض يوميا ويفرغها من سكانها الأصليين ويغير شكلها، يأتي كل يوم على جبالها الشامخة ليبني عليها مستوطنات غاشمة معتدية، ويحول مسار مياهها الجوفية العذبة ليستفيد منها المستوطنين، كما أن من أخطر المخططات الاستيطانية الجدار العازل الذي يقسم الأراضي ويبتلعها، إن الاستيطان مستمر بشكل يومي لم يقف لحظة، وهو المناط به الإتيان على ما تبقى من فلسطين العربية، إضافة إلى الحفريات التي تتم تحت وحول المسجد والتي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي والتي بدأت مراحله الأولى بعد نكسة 1967، حيث يزعمون وجود هيكل سليمان تحت المسجد الأقصى لكنهم لم يجدوا حتى الآن سوى أثار إسلامية قديمة.

·        الفصل العنصري، لم يكتف الاحتلال بسرقة الأرض ولكنه عمل على تقسيمها وفصلها عن بعضها جغرافيا وديموغرافيا، حيث تم فصل قطاع غزة كليا عن الضفة الغربية وتم فصل مدن الضفة الغربية عن بعضها بمئات الحواجز، وتم فصل القدس عن كل الوطن، وتم عزل عرب 48 عن باقي الوطن، مما عمل على تعزيز الفئوية والنعرات المناطقية، حيث بات الفرد يشعر أنه منتمي لمدينته ولمنطقته الجغرافية أكثر من انتمائه للوطن لأنه لم يرى من هذا الوطن إلا منطقته، ولأن مصالحه تنحصر في هذه المنطقة، ولأن أصدقائه وأسرته وعائلته كلها في هذه المنطقة، هذا هو العزل.

·        الانقسام، ما زاد الطين بله أننا لم نكتفي بتقسيمات الاحتلال وعزله لنا، ولكننا دسنا على جراحنا وعمقناها بالانفصال الديموغرافي الذي سببه الانقسام الأسود عقب سيطرة حماس على قطاع غزة، فعل الانقسام مالم يستطيع فعله الاحتلال حيث قسم الوطن إلى شطرين متناحرين كل منهم ينفذ أجندته الخاصة وفق توجهاته وعلاقاته ومصالحه وضاع الشعب بين حانة ومانة.

·        الحصار، ذلك المضروب على قطاع غزة منذ الانقسام حيث يعاني قطاع غزة من حصار مالي ومادي ومعنوي بكل تفاصيله، هذا الحصار يشارك فيه إلى جانب اسرائيل المجتمع الدولي، وكثيرا ما حاول أهالي قطاع غزة وعلى رأسهم حماس خرق هذا الحصار معنويا عن طريق استقبال قوافل المساعدات البرية وسفن كسر الحصار ووفود وشخصيات عربية ودولية، صحيح أن حماس لها مالها من موازنات تصلها بانتظام والأنفاق تملأ القطاع بالبضائع ولكن هذا مؤقت ومرتهن بالهدوء الاسرائيلي، فإذا بدأت اسرائيل بعملية صغيرة لقصف الأنفاق، دخل القطاع في غيبوبة وجفاف حقيقي، إلى جانب أن السلطة الفلسطينية تمر في الآونة الأخيرة بحصار جديد من نوع آخر حصار فيه شيء من المساومة يمنعها من التحرك نحو حقوقها، حصار سببه شريك المفاوضات الاسرائيلي والراعي الأمريكي، والدول العربية كعادتها لا تفي بالتزاماتها ربما هي مدفوعة لعدم الالتزام، ولكن السلطة اليوم تدعو للتقشف وشد البطون، وهنا يلتقي الجمعان، فكل فلسطيني بات محاصر ومن نفس الجهات.

·        المصالحة الوطنية، بات المصطلح ديدن كل جلسة وكل حوار حتى أصبح موضة وطنية بامتياز، وهذا حق مشروع فالانقسام هزم نفوسنا وفرقنا في بيوتنا وقتل خيرة شبابنا وعرض المناضلين الوطنين للتعذيب والبطش، وحان أوان وأد الفتنة، فقد حاول الكثير من كتاب ومثقفين وأحزاب ومستقلين وأشقاء وعرب وأصدقاء دفع الطرفين المتخاصمين نحو اللحمة ولكنهم دوما يحبطون بسبب تعنت هذا وكبرياء ذاك، وقريبا ولشيء في صدورهم فقط ولالتقاء مصالحهم أعلنوا فجأة عن نجاح المصالحة, ورغم أننا ذهلنا لأنه شيء غير متوقع لكننا بملء حناجرنا هتفنا وباركنا وعنفنا من يقف ضد المصالحة ومن يتشاءم، وسرعان ما تراجعت فرصتنا وسقط منطاد الأمل الذي رفعنا, عندما لم يتم تطبيق المصالحة وعندما علمنا أن المصالحة التي أعلنوها ما هي إلا تكريس أكبر للانقسام ومجرد التقاء مصالح ومجرد تجهيز لرحلة غيبية.

·        استحقاق أيلول، تخوض السلطة الفلسطينية معركة سياسية دبلوماسية طاحنة على المستوى الإقليمي والدولي مع كل ما هو إسرائيلي وصهيوني ومتصهين بهدف الحصول على اعتراف أممي ودولي بدولة فلسطين على حدود 1967, وذلك بعد أن عجز الرئيس عباس عن دفع نتنياهو نحو التوجه للمفاوضات ووقف الاستيطان, فرفع كرت التوجه للأمم المتحدة كسلاح ذو حدين إما أن يخضع نتنياهو ويجلس للمفاوضات أو أن يحصل من خلال الأمم المتحدة في أيلول على اعتراف بدولة ناشئة أو مكاسب سياسية تظهر في حينه, هذه المعركة السياسية تستنفذ كل طاقات القيادة الفلسطينية القيادية والسياسية والاعلامية, لكن هذا الخيار بكل خسائره والوقت المهدور والجهد المبذول أفضل من الوقوف على أبواب الإسرائيليين لاستجداء المفاوضات, حتى وإن كانت نتائجه في علم الغيب فلا بد أن يكون السيد الرئيس في جعبته ما قد يظهره ليبهر به الجميع أو يبدأ به مناورات جديدة بعيدا عن حل السلطة أو ترك الجمل بما حمل والرحيل.

·        الفساد, ارتبطت هذه الكلمة بمعظم الحكومات الفلسطينية السابقة ولم تخلو وزارة من وزير فاسد أو وكلاء وزرات أو مدراء عامون وأحيانا رئيس وزراء ذاته يسوقه الفساد على نحو تقشعر له الابدان, وحكومة فياض الحالية هي أيضاً طالتها الشبهات, حيث في تقرير كنا كتبنا عنه سابقا للصحفية سلوى الرنتيسي كشفت عن مجموعة تجاوزات وهدرا للمال العام في وزراة الشؤون الاجتماعية, ولكن وزيرة الشؤون الاجتماعية ماجدة المصري ردت وبطريقة واثقة أن وزارتها لم تقم بصرف أي من تلك البنود إنما القطاع الاجتماعي في وزارة المالية هو من قام بصرف تلك المبالغ, إذن الوزيرة المصري استبعدت الفساد عنها ولكنها أكدت وجوده في وزارة المالية, وبعد قراءة الأسماء المستفيدة من تلك المبالغ نلاحظ أنها كلها أسماء سيادية وفي مجملها وثقلها أكبر نوعا ما من الوزراء العاديين ومن أن يقوم وزير عادي بصرف مبالغ لهؤلاء الأشخاص كإعانات اجتماعية إنما هو أكبر منهم أي من يقوم بالصرف لهؤلاء القوم يجب أن يكون رئيس أو رئيس وزراء وبما أن وزير المالية هو ذاته رئيس الوزراء إذن الصرف يكون بإذن من رئيس الوزراء وهذا ليس اتهام وإنما أحاول التماشي مع الأحجية وربط خيوطها, وكيف تكون إعانات اجتماعية وتذهب أموالها لعلية القوم, ولماذا قطاع اجتماعي في وزارة المالية وهناك وزارة اسمها وزارة الشؤون الاجتماعية إلا لتغطية ما لا يمكن تغطيته، الفساد تظهر رائحته دوماً ولا تخفيه كل عطور الدنيا.

·        المواطن, أصبح المواطن الفلسطيني صاحب المعنويات الصارخة العارمة القوية دوما يائس هزيل محبط لا حول له ولا قوة فالاحتلال لا ينتهي والدولة لم تأتي والفساد يستشري والفُرقة تسود والانقسام يتكرس والمعابر والطرقات بيد الجندي الإسرائيلي والسفر أصبح رحلة موت وأكثر, والمجتمع المدني بمؤسساته المحلية والدولية تحول إلى شركات استثمارية وأصحاب أجندات دولية وإقليمية والأونروا باتت تراوغ للتلاعب بوطنية المناهج وتقليص خدماتها, المواطن فقير ومعدم فقد الثقة بنفسه وبالقيادة وبالعَلم والقضية, وانقسامكم هو السبب.
إلى المحاربين في معركة أيلول وسفرائنا في كل أرجاء الأرض وقياداتنا المتنقلة دوما وأعانهم الله جميعا, اعلموا يا سادة أن خلفكم وطن أعيته الهموم والمحن وانقسامكم ومراوغتكم في تحقيق المصالحة لذا أرجو لكم التوفيق في أيلول ولكن عندما تعودوا بدلوا أحوالنا وأحوالكم ليصلح بنا الوطن أو ما تبقى منه.
salah_wadia@hotmail.com

الثلاثاء، 19 يوليو 2011

د.فياض: محاسبة الفاسدين أولى من التقشف

منذ أن نشأت السلطة الوطنية ونحن نسمع بظاهرة الفساد الإداري والمالي ومرات عديدة لمسنا هذا الفساد ولاحظناه وربما عانينا منه كلٌ في موقعه وكلٌ حسب حجمه، فقديما عانينا من البلطجة والخاوة وظاهرة بطش المرافقين بالناس، وبسط نفوذ زوجات وأبناء وبنات المسئولين على عباد الله العاديين، وكثيرا ما دعا المظلومين(حسبي الله ونعم الوكيل)، وسابقا كان المناط به محاسبة الفاسدين هو نفسه يحتاج الى محاسبة، مثل النائب العام ورئيس هيئة الرقابة وغيرهم، ولكن هذه المرحلة من تاريخنا انتهت، أو كنا نعتقد أنها انتهت .
كنت قد قرأت تقرير حول الفساد للصحفية سلوى الرنتيسي تحت عنوان (فلسطين: مبالغ تصرف على حساب الشعب وسرقة للمال العام دون رقيب)، حيث ذكرت العديد من التجاوزات المالية بالأرقام وبسندات الصرف لوزراء في حكومة فياض ولقادة ومسئولين في الضفة الغربية، وليس الأمر يقف هنا وإنما كانت سندات الصرف تعود لمحافظين سابقين ولأبنائهم ونتريات بآلاف الشواكل، والطامة الكبرى أن تقريرها يركز على وزارة الشؤون الاجتماعية التي هي بالأساس تعنى بالفقراء والمحتاجين والمساكين وليس كبار المسئولين في السلطة والوزراء وليس دفع فواتير تلفون وكهرباء السيدة الوزيرة، كما أن التقرير ذكر أشخاص يشار لهم بالبنان، إلى هذا الحد نحن مخدوعين بكم ؟ إلى هذا الحد المال يعمي؟ إلى هذا الحد لا توجد رقابة؟
فيما بعد ردت الوزيرة ماجدة المصري على هذا التقرير بنفيه، رغم أنها أوردت في بيانها الصحفي العبارة التالية (بغض النظر عن صحة ودقة ما ورد في التقرير)، وهذا يعني أنها معلومات بها شيء من الخطأ وشيء من الصواب، وفيما بعد أكدت الوزيرة المصري أن رواتب الوزراء عالية وتفوق احتياجاتهم في ظل وجود بدلات ونتريات (وشهد شاهد من أهلها).
سواء كان التقرير السابق صحيح أم غير ذلك فالحق يقال والتجربة خير برهان أن هذا التقرير غيض من فيض من فساد المسئولين الذين يتقنون السرقة ونهب المال العام، ويستسهلون مال الفقراء لأن القانون  يحمي تصرفاتهم، فالوزيرة ماجدة المصري وهي تقوم بنفي التهم المنسوبة لها ولوزارتها تقول (فيما يتعلق بصرف فواتير هاتف وكهرباء وإيجار المنزل المفروش الذي تقيم فيه الوزيرة في مدينة رام الله لأغراض العمل، وكذلك فاتورة هاتف منزل وكيل الوزارة، قالت المصري إن هذا الصرف يتفق مع النظام القانوني الفلسطيني وتحديداً المواد 70،58، 57من النظام المالي للسلطة).
الحق معك معالي الوزيرة فالوزير أو وكيله لا يستطيع دفع فاتورة هاتفه الشخصي من راتبه الضئيل، وطالما أن هذه البنود يغطيها القانون فلا بأس في ذلك (اتقوا الله).
لا تقف الأمور فيعند المساعدات التي تصرف في غير محلها، أو الراتب الخيالي لوزراء تحت الاحتلال، أو دفع فواتير كبار المسئولين، ولكن الأمر يتجاوز ذلك بكثير ليصل إلى دلع الزوجات وتسابقهن في المصاريف والبزخ والبهرجة، وتعلم الأبناء في أفخم المدارس والجامعات الأوروبية والأمريكية، وسيارات بالجملة، حتى المرافقين وزراء أكثر من وزرائهم وهذه الأمور كلها قديمة جديدة، فالفساد في سلطتنا القابعة تحت الاحتلال لا يزول وإنما يبد ملابسه.
نأتي إلى البدلات، فالوزير أو السيد المسئول إلى جانب راتبه الضئيل يأخذ مجموعة من البدلات لتعينه على الحياة، فهو يخدم وطنه لذلك يأخذ بدل مهمات، ويرفع رأس وطنه لذلك يأخذ بدل بُدل، ويفسح وطنه لذلك يأخذ بدل سفر وتذكرة سفر، ولأنه قائد طبعا يصرف له بدل قيادة، ولأنه أحسن من الشعب كله يأخذ سيارات وبنزين للسيارات، وبيت ملك وبدل إيجار، وفواتير غذاء وعشاء، وزوجة ثانية، ويقوم البعض بتوظيف بيبي ستر للكتاكيت على بند مدير، وحدث ولا حرج (إن لم تستحي فأفعل ما شئت).
د.فياض لقد طلعت علينا بمخطط جديد لحماية السلطة وحماية الدولة القادمة من الانهيار ولتستطيع الصمود لذلك يجب علينا أن نتقشف أسوة بمجموعة من الدول  التي عانت من الأزمة المالية، ونحن نتفق مع معاليك ولكن قبل أن يتقشف المواطن العادي وقبل أن يتقشف الموظف البسيط والمتوسط، وقبل أن تبدأ التقشف برواتب الموظفين، عليك أن تبدأ التقشف في وزارتك، ابدأ من وزرائك وكبار المسئولين وكبار الموظفين، لماذا راتب الوزير 3000 دولار ويأخذ نتريات وبدلات بما لا يقل عن هذا المبلغ، لا يجب أن يكون المسئول مدير عام أو وكيل وزارة أو مسئول كبير أو وزير وأبناؤه وزوجته قد اقتربوا من درجته الوظيفية، اسحب السيارات والأراضي والشقق المترامية، لماذا أبنائهم يدرسون في واشنطن بدلا من بيرزيت والنجاح، معالي رئيس الوزراء ابدأ بمن معك وحولك ووزارتك وليكن التقشف تنازلي لا تصاعدي ونحن نقبل به عن طيب خاطر لا مرغمين.
أيها السادة المسئولين عليكم أن تكونوا مثل الناس وبينهم وتحيوا حياتهم لأن مردودكم إليهم ولأنكم منهم أو كنتم منهم، ولأن الله يعلم جيدا ما لكم وما عليكم فإذا تذاكيتم على القانون فلن ينفعكم ذكائكم أمام الله .
أحد الكتاب أحال تقرير الفساد الذي نشرته الزميلة سلوى إلى تصفية حسابات بين المسئولين، وبأنه في غير ميعاده لأن توقيته يخدم إسرائيل ويخلق لها ما تتذرع في أيلول، أقول لزميلي الكاتب إذا كان هذا فعلا تصفية حسابات فليكن ويقوموا بكشف ساحاتهم وذممهم النجسة بشكل أكبر والمستفيد من ذلك هو الوطن والشعب، ولما لا يكون هناك تعديل وزاري حقيقي قبل أيلول ولنذهب إلى أيلول بأيادي نظيفة وقادة حقيقين لا مختلسين، ويبقى قولنا الحاضر دوما (حسبنا الله ونعم الوكيل).