السبت، 26 مارس 2011

يوم 30 آذار وتوزيع الأدوار

اعتبر البعض يوم 15 آذار فشل ذريع للحراك الشعبي المطالب بإنهاء الانقسام بسبب ما تعرضت له التظاهرات من خطف وتلوين وقمع واعتقال وتفريق, كيف ذلك وقد تعرضت من قبل الثورة المصرية إلى كل أشكال القمع والالتفاف على الإعلام وخلط الجماهير وخلق أجسام شعبوية مضادة وميدان مصطفى محمود مقابل ميدان التحرير وموقعة الجمل وقتل المئات كل ذلك لم يفشل الثورة بل زاد من توقدها ودفعها إلى الأمام وفضح الوجه الزائف لقامعي الثورة، وبالعودة إلى الثورة التونسية نرى أن كل أحداث الترهيب والتخويف والقتل والقمع لم تستطع وأد الثورة بل سارعت في نهاية الدكتاتور, وما أصدق من الثورة الليبية فالقذافي استخدم ضد المتظاهرين جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والدبابات والمدفعية وقصف الطيران ورغم ذلك الثورة تكبر كل يوم وهو يصغر ويتراجع وينحني, طبعا اليمن والقتل اليومي وسورية والقتل في المساجد هذا كله لا يعني شيء أمام اقتناع المواطن العربي بضرورة تحقيق رغباته وتلبية طموحاته وسحق الظلم والقهر وإنهاء عقود من الاستبداد والظلم.
القوة لا تعني للفلسطيني شيء ولا تستطيع أن ترغمه على التراجع ولا لون الدماء تخيفه ولا المعتقلات قد تغير وجهته, ربما تثـقل الهمم وتحبط الرجال ولكن لا يأخذ اليأس منه مأخذه, لذلك كان 15 آذار بداية قوية كشفت نوايا البعض وحجمهم أيضا، ووضح الشباب الحر لمثبطي الهمم وللمحبطين أنه ما زال بإمكانهم أن يقوموا من ردمهم ويقولوا لا ... لا للانقسام ... لا للانقسام.
كانت دعوة الأخ إسماعيل هنية للأخ أبو مازن لزيارة غزة النتيجة الطيبة والمرجوة من تظاهرات 15 آذار, وأثلجت صدور الراغبين والمنادين بإنهاء, وما أجمل من الدعوة إلا الرد عليها حيث رحب الأخ أبو مازن بالدعوة ووافق عليها وخرج بمبادرة جديدة تتضمن حكومة تكنوقراط, وسرعان ما بدأ الزجال والتصريحات المشككة في نية الأخ أبو مازن وقفزه على الحوار واستباق التفاهمات بحكومة مستقلين, وكأننا لم نتحاور على مدار ثلاث سنوات, ثم أعلنت حماس عن عدم موافقتها على دخول الوفد الأمني والإداري الذي سيمهد الطريق لزيارة الرئيس لغزة وانتشرت أقوال وأخبار على الشبكة العنكبوتية عن خلافات داخل حركة حماس حول مبادرة الأخ أبو مازن, ولكننا لم نسمع من يعترض على المبادرة من داخل حركة فتح أو أي من قيادات فتح تشكك في نوايا الأخ إسماعيل هنية, هذا معناه واضح وجلي للجميع وهذه الأحداث تبين للجميع من هو الطرف الذي لا يرغب في إنهاء الانقسام طبعا مشهد الكتيبة وقمع المتظاهرين يقابله مشهد المنارة وعشاء أبو مازن, هل هناك مشهد أوضح من ذلك ؟.
إسرائيل بدورها لم تستطيع الصمت وعدم التدخل فهي أعلنت أن أبو مازن لا يريد السلام مع إسرائيل إنما يريد السلام مع حماس (تسقط إسرائيل وتشبيهاتها فرغم كل شيء حماس غرس وطني أصيل لا يوجد بينها وبين فتح سوى خلافات إخوة وان كبرت), ولم تكتفي إسرائيل بذلك وإنما بدأت بقصف قطاع غزة متعللة بسقوط صواريخ فلسطينية على أراضيها وصعدت من وتيرة قصفها لتسقط مجموعة من الشهداء منهم أطفال وشيوخ, وجاء رد المقاومة في الداخل الإسرائيلي بعملية تفجير عن بعد قتل فيها امرأة وأصيب ثلاثون آخرون, طبعا إسرائيل قالت سترد بقوة وسوف تقصف جوا ولن تتوغل.
إذن إسرائيل شعرت بقرب موعد انتهاء الانقسام التي هي أكثر الأطراف استفادة منه, ما دفعها إلى العمل بكل جهد لسرقة الأضواء وإلهاء الناس عن المطالبة بإنهاء الانقسام وجر الفصائل الفلسطينية إلى إطلاق الصواريخ لتكون ذريعة لتكثيف القصف والعمليات العسكرية, أما إن صدقت الرواية الإسرائيلية وكانت الفصائل الفلسطينية هي من بدأت بإطلاق الصواريخ فهناك حديث طويل وعلامة استفهام كبيرة حول توقيت هذا الإطلاق الذي يستهدف إسقاط احتمالات زيارة أبو مازن لغزة, وبالتالي إفشال فرص إنهاء الانقسام.
حتى الشهيد طاله الانقسام, فالشهيد ياسر الحلو (أبو عاهد) الذي استشهد هو وحفيده وابن أخيه رحمهم الله، ينتمي لحركة فتح وعندما شرعوا أهله ومحبيه بإقامة بيت العزاء جاءهم إخوان من حركة حماس لتبني الشهيد وأخذ بيت عزاءه فرفض الأهل لا من أجل الرفض ولكن لأن الشهيد ليس من حماس والأولى أن من يأخذ عزاءه هي فتح, على أثر ذلك أخبر عناصر حماس أهل الشهيد بأنها لن تسمح لحركة فتح بأن تأخذ العزاء ولن تسمح لفتح برفع راية واحدة وبأن ذلك محظور عليها في غزة, ونِعم التعددية السياسية ونِعم الثقافة الوطنية, الظلم لا يولد إلا الظلم ولو كان الشيخ الجليل أحمد ياسين هو من يحكم غزة اليوم لحكم بمحبة وود ورأفة بالناس حتى بأبناء حركة فتح, رحم الله الكبار وهدى من سار على دربهم وخلفهم.

لم أستطع التحدث عن 30 آذار دون تلك التوطئة وذلك لاستبيان الأحداث وإيضاحها, لأننا نريد أن يكون 30 آذار مختلف عن 15 آذار نريده أن يكون يوم للحب والتسامح لا للقمع والترهيب, يوم وحدة وطنية ورفع العلم الفلسطيني لا يوم للفئوية ورفع الرايات الحزبية, يجب على شباب فلسطين جميعا بمختلف انتماءاتهم السياسية وتفاوت هممهم وعزائمهم أن يشاركوا في تظاهرات إنهاء الانقسام لا المشاركة عن بعد أو المتابعة عبر وسائل الإعلام, هذا يوم الجميع ليس حكرا على أحد ولن يكون هكذا, كل يوم يُنادى فيه بإنهاء الانقسام هو يوم وطني يجب الاعتزاز به واعتباره ملكا للجميع لذلك أي شخص يقول لا علاقة لي عليه أن يخجل من نفسه من أمه من أبناءه من زوجته وبدل أن يجلس في البيت خوفا من أن يمسه ضرر عليه أن ينزل إلى الشارع ليدرء الضرر عن غيره وليكمل المشهد، فالصورة الفلسطينية لا تكتمل وتزداد جمالا إلا إذا كان ظاهر فيها كل فلسطيني.
أوجه دعوة إلى الفصائل الفلسطينية الحرة الشريفة التي لا بد لتاريخها النضالي أن يمنعها من دفن رأسها بالرمل ولعب دور المتفرج في مرحلة من أشد المراحل التي مرت على القضية الفلسطينية خطورة، أدعو تحديدا حركة الجهاد الإسلامي التي أعلم جيدا مدى سخطها على الانقسام أن تشارك بشكل رسمي في تظاهرات إنهاء الانقسام، يجب على الجهاد الإسلامي أن يحترم تاريخه ويلعب دور حقيقي في إنهاء الانقسام، أستغرب بشدة من هذا الصمت غير المبرر وهذا التراجع غير المعلن الذي لا يروق حتى لأبناء الجهاد ذاتهم، أدعوكم للخروج يوم 30 آذار بكل ثقلكم إلى جانب الشباب لرفع معنوياتهم وحمايتهم فأنتم مؤثرين حتى وإن لم يعجب البعض وإن استخف البعض وإن كنتم أنتم لا تعلمون، ونشد على أيدي وفدكم المتمثل في الأخ محمد الهندي والأخ نافذ عزام وأتمنى أن تتكلل مساعيهم لإنهاء الانقسام بالنجاح ونحن خلفهم.
كما أتوجه بالدعوة إلى فصائل منظمة التحرير الذين لم يتوانوا عن المشاركة في تظاهرات 15 آذار أن يكثفوا تواجدهم بين الشباب وأن يقوموا بدور يتناسب مع حجمهم الطبيعي، إن الدعوة موجهة لكل فصيل ومؤسسة وفرد فلسطيني لنسقط الانقسام الذي اغتصب أحلامنا واحتل بيوتنا وقزم طموحاتنا.
إخواني المنقسمين من يرغب منكم ومن لم يرغب في إنهاء الانقسام، إن الانقسام سينتهي برغبتكم أو بدونها، سينتهي اليوم أو ربما ينتهي غدا ولكنه سينتهي ولا بد من عودة الأوضاع إلى أصلها، والأصل هو الوحدة الوطنية لا التشرذم والانقسام والكيانات الزائلة، لذلك اعملوا على أن ينتهي الانقسام تحت عباءتكم قبل أن تفقدوا السيطرة وقبل أن تخرج الأمور عن إرادتكم، وتتبدل مطالب الجماهير من إنهاء الانقسام إلى المطالبة بإسقاطكم.

الأحد، 20 مارس 2011

مثقفون فلسطينيون يرحبون بمبادرة عباس و هنية ويطالبون بسرعة إنجازها




مثقفون يرحبون بمبادرة عباس وهنية ويطالبون بسرعة إنجازها
الأحــد 20/03/2011 (آخر تحديث) الساعة 10:18
رام الله -معا- رحب مجموعة من المثقفين الفلسطينيين في عموم أماكن تواجدهم وعبر وسائل الاتصال المختلفة، بمبادرة الرئيس محمود عباس ، وإسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال، للقاء وإنهاء حالة الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية، استجابة للشعب الفلسطيني الذي يريد إنهاء الانقسام، وتحقيق مطلب الشباب الذي خرج في كافة مدن الوطن وعواصم عربية ودولية واعتصم في تجمعاته رافعاً العلم الوطني.

وطالب الموقعون أدناه إلى سرعة انجاز مبادرة الرئيس عباس ودعوة هنية الأخيرة للقاء وإنهاء الانقسام:

الموقعون :
طلعت الصفدي ، خالد جمعة ،د.المتوكل طه ،عثمان حسين، غسان زقطان، مراد السوداني ، أ.د.عدنان قاسم ، ناصر عطا الله ،حافظ البرغوثي ،د.ابراهيم ابراش، د.عاطف ابو سيف، حسن عصفور ،طلال عوكل، أحمد يعقوب، ، يحيى رباح ، سليم النفار، رزق البياري، جميل مزهر، محمود ابو طبنجة، سمية السوسي، توفيق الحاج ، سميرة أحمد، زياد خداش، مالك الرماوي، صالح مشارقة، منال خميس، فايق جرادة ،نظمي العرقان ،ميرفت ابو جامع،راسم المدهون،سري القدوة، راسم البياري ،طارق العربي ،نصر جميل شعث ،علي ابو خطاب،ناهض زقوت ،صلاح صبحية ،رشاد فياض،د.مازن صافي ،عبدالله تايه ، غريب عسقلاني، رجب ابو سريه، د.عون ابو صفية،د. تحسين الاسطل، فائق ابو شاويش،عبدربه محمد اسليم،جبر جميل شعث،علي ابو ياسين، ناصر رباح،ماهر حسين ،غازي غريب،د. ياسر الوادية ، د. عبدالعزيز الشقاقي ، د. محمد ماضي ، د. عيسى العلة ، د. رياض العيلة ، خليل عساف ، مهند الرابي ، عبد المحسن عايدة ، مروان مخول ،مهيب برغوثي ،زهير دردونة، عبدالسلام العطاري، إيمان نصار،أمتياز المغربي، زياد عوض ، ليلى عطشان ،عبد الناصر صالح، نصوح بدران،فياض الفياض،باسل ابو بكر،أديب رفيق محمود،اعتماد سعد، جميل حامد، آمال عواد رضوان،وليد العوض،سائد السويركي ، محمد السويركي، د.سيد بركة،عبدالله الزق، محمود الزق ( ابو الوليد)، ديالا جويحان، أحمد يونس عبد اللطيف، علي قبلاوي،بسام درويش،هشام ساق الله ، يوسف الديك،يسرى الخطيب، شجاع الصفدي ،أ.د.محمد صلاح ابو حميدة ، أ.د.عبد الجليل صرصور،د.بشير زكي ابو حميدة، د.محمد عليان، د.عبدالهادي ابو سمرة ، أ.د.صادق ابو سليمان،د. سليمان العمصي، د.رائد ابو ربيع ، د.سامي أحمد ، د.فوزي الحاج، د.محمد البوجي،د.فريد النيرب،د.عبدالسلام نصار،د.محمد التلولي، د.عماد شاهين، أحمد سعد، رائد طه،د.مخيمر ابو سعدة ،د.عاطف مطر،د.مي نايف، فتحية صرصور، د. خالد عبد الدايم،د.حماد ابو شاويش،د.منى الفرا،جمال ابو نحل،يسري درويش،د. عاطف حمادة، سعيد الفيومي ،فؤاد حمادة،عزات كلوب ،رفيق أحمد مراد،فؤاد شحادة،د. سميرة ستوم، د. وسام الشوا، زياد الحسني، د. عبدالله كراز،ايمان الوزير،خلود زقزوق ،ماهر جودة، وسام صادق ابو سليمان، انشراح حمدان ،اعتدال الخطيب،حمادة فراعنة،علي الخليلي ، سهام البرغوثي ، طارق الكرمي ، أحمد الأشقر، سامية الخليلي ، كجكزد شقير، لطفي زغلول، ليانة بدر، شريفة ثابت،توفيق ابو شومر، عبدالرحمن شحادة،حازم البحيصي،نجوى شمعون ، هداية شمعون،يونس عطاري ، محمد عريقات ،أسماء الغول، موسى ابو كرش، عبد الكريم عليان،طلال ابو ظريفة، د. عبد القادر فارس،صلاح الوادية، ماهر ابراهيم عبد الواحد، عائدة حسنين،سليم الهندي،محمد حجازي، حسين الاسمر،اسلام الاسطل، منى خضر ، دنيا الأمل اسماعيل،هاني حبيب ، أكرم عطاالله،جيهان السرساوي ، فايز السرساوي ، حبيب هنا،خالد منصور ، يوسف الاستاذ، مصطفى النبيه ،سعيد البيطار،محمود ماضي، عبدالفتاح شحادة، يوسف القدرة ، اسعد الصفطاوي ،أحمد عرار، عصام أحمد ،سارة رشاد،اسامة المصري ، ميسون الأسدي ، سليم الهندي، اشرف سحويل، نزيه حسون ، شفيق حبيب،أنس أبو سعدة، جورج إندراوس، فرحات فرحات، هشام نفاع، رجا زعاترة، بروفسور مروان دويري، اسامة ملحم،مجدي يوسف،د. فاروق مواسي، عبدالرحمن ابو القاسم، زينات قدسية، حسين مالك ،محمد الهباش ،زهير النوباني ،نجلاء سحويل،غسان مطر ،لطيفة زقوت،عبد الناصر فروانة، زياد جيوسي ،د.ثابت أبو راس ، عز الدين خالد ، رمضان بركة ،ناجي شراب،جهاد حميد ، عصام مرتجى، د. عبد القادر ابراهيم عطية حماد.
رابط الموضوع: http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=370321

الخميس، 17 مارس 2011

15 آذار عرس فلسطيني

قبل أيام قليلة من الخامس عشر من آذار أثير حوار على عجالة بيني وبين أحد الأصدقاء حول ما سيحدث يوم 15 آذار, كنت متحمساً جداً ومندفعاً بطريقة غير اعتيادية حينما أخبرته رداً على سؤاله ماذا سيحدث ؟ إن يوم 15 آذار سيكون عرساً وطنياً بامتياز؛ لأن كل فئات المجتمع سينزلون إلى الشارع، صحيح أن العدد لن يكون كبيراً فالقليل سيخرج عن صمته وينزل إلى الشارع، وستكون بداية موفقة يُبنى عليها الكثير فيما بعد, صديقي بدوره رد على انفعالي بأنه لن يخرج أحد من بيته ومن يخرج سوف يضرب ويعاقب أو يعتقل وإن زادت الأمور عن حدها سوف يستعمل السلاح لفض أي تجمع. بالطبع صديقي لم يكن يتحدث عن توقعات أو قراءات للموقف؛ ولكنه كان يتحدث بثقة وبطريقة نرجسية متهكماً من ثورة ضد الانقسام قد تولد من صفحة إلكترونية في عالم افتراضي في حين أن الواقع ملئ بدروس البطش والخوف والقمع, فمن سيخرج سيكون منتمي لأحد التنظيمين المنقسمين .. طبعاً بقي الرهان بيننا على 15 آذار وانتهى الحديث.
جاء يوم 15 آذار وقررت أن أخرج للشارع لأسباب ثلاثة أولها: حتى أرى ما سيحدث فعلاً وهل سيكون هناك حشد وإن كان كذلك أريد أن أرى كيف سيتم التعامل معه، ومن هم هؤلاء الذين كسروا حاجز الصمت, أما السبب الثاني: فكان خجلي من أمي وإخواني الذين اعتادوا منذ نعومة أظافري بأنه لا يمكن أن يمر يوماً وطنياً أو مناسبة وطنية أو إضراباً أو مواجهات مع الاحتلال إلا أن أكون أول المشاركين به, خفت أن يعتقدوا بأنني جبنت مع مرور الوقت أو أصبحت شخصاً ثرثاراً فقط لا يجيد سوى الكلام, أما السبب الثالث فهو عندما جلست مع نفسي وأنا أدرس احتمالات ما سيحدث يوم 15 آذار وكان من بين الاحتمالات التعرض للضرب والاهانة والاعتقال وربما ما هو أكثر من ذلك، سيطرت علي لحظات من الصمت والتوقف عن التفكير ربما هي لحظة موت سرعان ما تلتها حياة أخرى, وإن يكن فما الجديد في ذلك. فالفلسطيني طوال عمره معرض لكل أشكال العذاب وكل شخص فينا يعلم أنه شهيد حي، نعم أعلم أن اهانة الأخ أقسى بكثير ولكن الوطن يستحق، حينها يوم 15آذار تركت هواجسي خلفي وخرجت، وجدت الشوارع غير تلك التي اعتدت عليها، وشمساً غير الشمس التي تشرق كل صباح، وجدت أرتال من البشر تلاحق بعضها، وجدت وجوهاً غير الوجوه التي اعتدت أن أراها وعيون لا تنظر يميناً أو يساراً ولا تعرف العودة إلى الوراء، منطلقة إلى الأمام تسبق الخطوات وتطارد الوقت تريد أن تلحق بمن سبقوا, وجدت أحراراً نفضوا عنهم غبار اليأس وانتفضوا، وجدت ثواراً لعنوا صمتهم ومضوا نحو الحرية, وجدت نفسي أسابق نفسي أريد أرى ما لم أتوقع, وما أن وصلت مكان التجمع المعلن عنه على صفحة الفيس بوك حتى تكلل ناظري بما يسر كل ناظر، شباب صغير مقبل على الحياة غاضب ساخط يريد أن يوقف عجلة الوقت؛ لكي لا يفوته ويرى مستقبله يهرب منه في زحمة الانقسام.
وجدت أمهاتنا واقفات يتحسرن على حرية جلبتها لنا دماء أبناءهن ونحن نهدرها بيدنا, يلعنوا كل مسئول عن لحظة وحدة فقدت, يلعنوا الوقت الذي تركنا فيه ثورتنا ومقاومتنا لنختصم على عرش كاذب واهي, بالطبع لهن الحق في ذلك فكل شهيد سقط دفاعاً عن دينه ووطنه وعرضه يلعن الانقسام والمنقسمين الذين أداروا ظهورهم له ولتضحياته وعبثوا في الوطن وسلامته.
كان العلم الفلسطيني شامخاً سامقا معتد بتفاصيله وشكله البهي, كان يملأ المكان ولا يوجد سواه ظاهر, وكانت الأرض تزغرد فرحاً بأحرارها التي لم تعتد على فراقهم، وعادوا إليها, كان الوقت خارج الوقت، والزمن خارج معايير الزمان.
أربعة أعوام من الانقسام والفرقة ولدت جيلاً جديداً, جيل لم يشهد بطولات تلك الفئة ولم يشهد ثورات تلك, جيل كبر على انقسامكم ولم يرى منكم سوى القبح وتقسيم الوطن وشرذمته وتغليب المصلحة الفئوية على المجموع الوطني, ولم يشاهدكم ترفعون العلم الفلسطيني وإنما شاهدكم تتظللون تحت رايات وألوان زادت من شين صورتكم.
هذا الجيل رغم كل سخطه عليكم ورغم اعتقادكم بأنه لم يتربى على الأخلاق الثورية وبأن مصدر ثورته هي بدعة واستيراد خارجي لم يتطاول عليكم ولم يقل لكم ارحلوا ولا حتى بأنه يريد دوراً  في إدارة وطنه، كل ما نادى به أن تنهوا الانقسام, ألا يستحق منكم الاحترام؟!!!
وخلال ولوجي بين الأحرار لامست مشهداً غريباً, إخوان لنا يرفعون رايات حزبية ولهم تجمعات أخرى، وكان يسود الموقف نوع من الحذر والترقب فشباب 15 آذار لا يريدون أي رايات غير علم فلسطين وهؤلاء مصرون على رفع رايات حزبهم حتى انتهى الموقف بأن غادر شباب 15 آذار إلى مكان آخر. ليس ما فات هو المشهد الغريب ولكن بعد رحيل الشباب المطالبين حقاً بإنهاء الانقسام شعرت بأن معظم من يرفعون الرايات يريدون أن يلحقوا بهم وأن يضعوا راياتهم جانباً ويحملوا علم وطنهم وليس راية فئة من هذا الوطن, شعرت بأنهم غضبوا فهم مثل مجموع الحاضرين يريدون لهذا الانقسام أن ينتهي ولكن فئة قليلة تستأثر بالقرار، ورغم ذلك شاركوا وصرخوا لا للانقسام وإن كان الجميع يعتقد أنهم ينفذون أجندة حزبية ولكنهم تواروا خلف ذلك واخرجوا ما في صدورهم من سخط وغل على الانقسام ومن يمد في عمره.
الزميل ناصر اللحام قدر عدد من نزل إلى الشارع بحوالي مليون شخص في قطاع غزة والضفة الغربية، العدد سليم ولكن معنوياً فقد نزل إلى الشارع كل فلسطيني في الوطن وخارجه فهناك مليون حر يجوبون شوارع الوطن مطالبين إنهاء الانقسام, وملايين أخرى كانت تتمنى أن تخرج ولم يمنعها سوى الحدود، وجزء من داخل الوطن يمنعه سنه ومرضه من النزول وجزء يمنعه رايه وجزء يمنعه جبنه وقلة حيلته على قلتهم.
إن يوم 15 آذار حقق الهدف المرجو منه وكسر حاجز الصمت وحاجز الخوف الذي صنعه المنقسمون ووضع الشباب على بداية الطريق فهم عرفوا طريقهم وكيفية الخلاص ولن يثنيهم شيء عن حقهم بعد الآن, ولن ينفع بعد اليوم الالتفاف على مطالب الشعب أو تجاوزها.
يوم 15 آذار بحق كان عرساً وطنياً فاق توقعاتي وأحلامي وتوقعات الجميع, في ذلك اليوم تحرر العقل الفلسطيني ورسم أجمل لوحات الحرية وملأ الشوارع بنفحات الصدق والوطنية, ما أجمل الشباب وما أعظمهم بارك الله لنا فيهم وأدامهم للوطن!!
أما أنتم أيها المنقسمون أعتقد أنكم فهمتم جيداً رسالة الشباب، حيث أن دعوة الأخ إسماعيل هنية للأخ أبو مازن واستجابة الأخير لتلك الدعوة دليل واضح عن أن حركة 15 آذار حققت أكثر مما هو مطلوب منها, يا أيها المناضلون والشرفاء ويا تاريخنا خلصونا من هذا الانقسام قبل أن تنتهي أحلامكم وأحلامنا.

الخميس، 10 مارس 2011

حماس وحسابات الثورة

انتهت الثورة العربية في تونس بسقوط نظام زين العابدين بن علي بعد هروبه وعائلته إلى خارج تونس، ثم انفرط عقد الثوار فتلاها ثورة بيضاء أخرى في مصر توجت هي الأخرى بتنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة زمام السلطة وإعادة إنتاج الديمقراطية بثوبها الفطري عبر تعيين رئيس وزراء جديد جاء نتيجة تشاورات مطولة بين المجلس العسكري وكل فئات المجتمع المصري والقوى السياسية، وقيام عصام شرف رئيس الوزراء المكلف بأداء اليمين الدستوري في ميدان التحرير بين شباب الثورة وهذه كانت أجمل لوحات الثورة المصرية صدقاً وأعمقها فطرة.
تلا الثورة المصرية العريقة ثورة ليبية ما زالت رحاها تدور حتى الآن، ورغم أن الثوار الليبيين سيطروا على معظم المدن إلا أن النظام الليبي الذي يترأسه معمر القذافي ما زال يناضل من أجل البقاء بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، ولكن تعلمنا من الثورات التي سبقتها أن الشعب دوماً ينتصر، لذلك هي ساعات حتى ينقضي الأمر ويرحل نظام القذافي وتنتصر ليبيا، وربما تمتد الثورة إلى أقطار عربية هي بأمس الحاجة إلى التغيير.
تأثرت حماس مثل غيرها من الأحزاب والحركات والجماعات في الوطن العربي بالثورات التي تجتاحه، ولكن على ما يبدو أن رؤية حماس مختلفة عما عداها ولها في هذه الثورات  أمر لا بد لنا من الوقوف عليه، فحركة حماس ربطت ما بين وجودها في الحكم بصيغته الحالية وبين استمرار الثورات العربية وتمددها.
حيث رأى خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن هذه الثورات التي تجتاح الوطن العربي هي انتصاراً للقوى والدول التي تقاوم إسرائيل، وأنها تحيي حركة حماس لأن حماس هي أول من بدأ التغيير، وأضاف أن القاهرة تعود لمكانتها الطبيعية بعد أن اختفت لزمن طويل عن الساحة العربية، وتعتبر حركة حماس أن المستقبل القريب عقب الثورات العربية سوف يخدم رؤيتها ومكانتها وسوف يعزز من ثباتها ووجودها، فقراءة حماس للتغييرات الجارية في المنطقة أعطتها انطباعاً بالنصر على الرؤية الفلسطينية الأخرى التي تؤمن بالتفاوض والتي تمتلك علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعلنت حركة حماس بعد ثورة 25 يناير المصرية على لسان موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن ورقة المصالحة التي طرحتها مصر لإنهاء الانقسام لم يعد لها أي موقع بعد تنحي الرئيس حسني مبارك، وبالتالي ترى حماس أن الحاضر هو وقتها وتراهن على ما سيأتي، حيث أعلن خالد مشعل أنه لا مصالحة إلا بعد معرفة الرئيس المصري الجديد.
انتهت مرحلة الاستقطاب العربي التي كان قطباها سورية وحلفائها ما يسموا بمحور الممانعة ومن جانب آخر مصر والسعودية وحلفائهما وهو ما يسمى بمحور الاعتدال وباتت الآن الرؤى في مصر وسورية متقاربة أكثر من ذي قبل بمسافات وخير دليل على ذلك تولي عصام شرف رئاسة وزراء مصر ونبيل العربي وزارة الخارجية وهم معروفين بتوجهاتهم المناوئة لإسرائيل، وإعلان شخصيات إعلامية إسرائيلية بأن شرف والعربي معادين للسامية ووجودهما ضد مصالح إسرائيل، إلى جانب أن الإخوان المسلمين سيحظون في المرحلة المقبلة بتواجد ملحوظ على ساحة السياسة المصرية، فخطبة القرضاوي في جمعة النصر بميدان التحرير والحديث عن أن له الكلمة العليا الآن في مصر والعالم العربي توضح ملامح المرحلة المقبلة وطبيعة علاقات مصر العربية والإقليمية، هذا كله قد يكون في صالح حركة حماس وفي صالح رفع الحصار عن قطاع غزة واضطرار الولايات المتحدة تقبلها من خلال ضغط المجموع العربي على المجتمع الدولي ودفعه للتعامل مع الأمر الواقع.
رفضت حركة حماس دعوة الرئيس محمود عباس لانتخابات محلية وتشريعية ورئاسية، وقالت أنها دعوة المأزوم وهي جاءت خوفاً من ثورة الشعب عليه مثلما ثارت الشعوب العربية على حكامها، وتجاهلت حماس بشكل ملحوظ دعوات الفصائل والشخصيات المستقلة والمثقفين والكّتاب لإنهاء الانقسام، بل تبنت هي تلك الدعوات وخرجت مسيرات من منتمي حماس في قطاع غزة تطالب بانتهاء الانقسام طبعاً رفعوا شعارات خاصة مثل الشعب يريد حل منظمة التحرير، ثم خرج سلام فياض رئيس الوزراء بمبادرة لإنهاء الانقسام تحقق في بنودها ما ترغب به حماس وهو بقاء السيطرة الأمنية لها على قطاع غزة ومع ذلك رفضتها بحجة أنه يريد إحراج حركة حماس، وفيما بعد بدأ الحديث عن مبادرة لإنهاء الانقسام شاملة لتصحيح الوضع الفلسطيني تقوم بإعدادها حركة حماس حيث قال السيد مشعل لنا قول سنقوله ولنا فعل سنفعله ومبادرات سنقوم بها، إذن حماس ترفض كل الحلول التي تناسبها ولا تناسبها مراهنة على المرحلة المقبلة وهي تتحدث الآن بلغة المنتصر بعد ثورة 25 يناير وترى أن السلطة الوطنية تمر بأزمة عميقة بعد سقوط أقوى حلفائها نظام مبارك وبعد أزمة الفيتو الأمريكي بشأن الاستيطان وتباعد المسافات بين السلطة وواشنطن وتهديد الأخيرة بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية، وتعتقد حماس أن أي مصالحة فلسطينية ستكون بمثابة محاولة إنقاذ للرئيس محمود عباس وسلطته وهي في غنى عن ذلك.
سوف تكون مبادرة حركة حماس مبادرة رأسية لا يجوز مناقشة بنودها بهدف التعديل أو مناقشة حركة فتح حولها فهي جاءت من الطرف الأقوى في المعادلة الفلسطينية الحالية وبإجماع شعبي وفق وجهة نظر حركة حماس، وسوف تعالج المبادرة كيفية الخروج من الأزمة الحالية بما يتناسب مع مصالح الحركة وتوجهاتها، فالسيد خالد مشعل وجه خطابه إلى كل من فتح وحماس وطالبهم بالانضمام إلى قوى المقاومة ضد إسرائيل، ويظهر مشعل في  خطابه كطرف محايد ومرجع للطرفين وهي لهجة جديدة لا يتحدث بها إلا من يعتبر رمز وطني كلامه نافذ أو من يعتبر نفسه جامع للطرفين، وقال أيضاً إن أي مصالحة بين الفصيلين يجب أن تكون على أساس إعلان الجهاد ضد إسرائيل وأن أول خطوة لتحرير القدس من الاحتلال هو رفض التفاوض مع إسرائيل، بمعنى أن على حركة فتح إذا ما أرادت المصالحة والتوجه نحو إنهاء الانقسام أن تترك منهجها التفاوضي وتتبنى نهج حركة حماس الداعي إلى المقاومة، وبذلك يدعو حركة فتح إلى التقدم نحو المصالحة في حين أن حماس ستبقى ثابتة على منهجها، وهذا يعني أن ثورة 25 يناير المصرية انتصرت من وجهة نظره للقوى الداعية للمقاومة ومقاطعة إسرائيل.
تعيش حركة حماس نشوة انتصار خاصة بها وربما تكون على صواب بما تعتقده، فهي ستناضل بكل قوة لإبقاء الوضع الفلسطيني على حاله إلى حين وضوح الرؤية على الساحة العربية عامة والمصرية خاصة، ولكن يبقى السؤال هل المبادرة التي تنوي عرضها حركة حماس على الكل الفلسطيني ستكون تجاوزت نبرة المنتصر وخالية من الإملاءات ووجدت نتيجة لتفهم حركة حماس لاحتياجات الشارع الفلسطيني ومحاولة لوأد الخطر المحدق بالقضية الفلسطينية، أم أنها ستتجاهل الآخر الفلسطيني وتعمق الأزمة وتكرس الانقسام، وفي حالة أن التغيير في مصر كان في صالح حركة حماس هل سيبقى الانقسام هو سيد الموقف ويتم تأجيل الحديث عن المصالحة إلى أجل غير معلوم.