الثلاثاء، 19 أبريل 2011

رسالة غزة إلى السيد الرئيس

هناك رزمة من القضايا العالقة التي تحتاج إلى قرار صادق وجازم وحاسم فيها لا أن تشكل لها لجان، واللجان تتبعها لجان، واللجان تحيل الأمر إلى لجان, قصر الله عمر اللجان, قضية تفريغات 2005، وقضية اعتماد الشهادات العلمية، والعمال، والخريجين، والترقيات, تلك القضية تحتاج إلى وقفة جادة من السيد الرئيس وتحتاج إلى حلول جذرية منصفة وعادلة, حلول قائمة على الإقرار بالحق لا على قاعدة (أحسن من بلاش).

ما معنى أن يكون المفرغين على كشوفات 2005 خارج حسابات د. سلام فياض ومركزية فتح وبالتالي خارج حسابات السلطة الوطنية الفلسطينية, أليسوا هم من حملوا البنادق وقاوموا بإسم تشكيلات حركة فتح, ألا يوجد منهم الجريح والشهيد ولهم زوجات وأسر ولهم بيوت تقتات من رواتبهم الهزيلة المخجلة, ما معنى أن يكون الشخص حاملا لدرجة الدكتوراه أو الماجستير ورتبته جندي نظرا لأنه قدم شهاداته بعد 2005 أو بالأحرى لأنه من غزة، هل هكذا تكافئون أبنائكم المجتهدون والنشيطون والمبدعون بأن يلقى بهم إلى ما قبل التاريخ.

أما العمال الأبيون المناضلون الذين لا حول لهم ولا قوة بعد أن أغلقت إسرائيل أبوابها في وجههم وبعد أن عم الخراب غزة نتيجة الحصار المضروب عليها, كبروا وهرموا ونال منهم الزمن ومن أسرهم وأصبحوا بعد أن كانوا أخيار الناس أحوجهم للمساعدة، ومدوا يدهم لكل المؤسسات الشريفة وغير الشريفة وباتوا هم وذويهم ينتظرون لحظة وصول الكوبونة (إن وصلت), هل هؤلاء هم أبطال الانتفاضة الأولى، هل هؤلاء هم أهلكم وذويكم، لماذا تبدلت الحسابات وأصبحت البراغماتية من أساسيات الأخلاق التنظيمية والوطنية، ناهيك عن الخريجين الذين يتراكمون كل يوم فوق رؤوس معيليهم هم أيضا فقدوا الإحساس بالزمن وباتت كلمة طموح لديهم مرادفة للوهم.

سيدي الرئيس, السادة أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير, السادة أعضاء المجلس المركزي, هل هذا ما عاهدتم الله وشعبكم عليه أن تصونوا البلاد وتحافظوا على مقدراتها وتحترموا الإنسان وتكونوا مخلصين لله وللوطن, أين الإخلاص من أن ترمي غزة بكاملها كقطعة حلوى نفذت صلاحيتها بعد أن كانت القالب الرئيس للحفل, غزة كانت الأساس والمركز, كانت مقر السلطة واهتمامها ولطالما رحبت بكم وأعطتكم أفضل ما لديها ووهبتكم أميز أبنائها لأنكم أيضا أبنائها, انتم يا سادة أخطأتم في حق غزة وفي حق أبناء غزة وفي حق فتح في غزة, ما ذنب غيركم بما صنعتم, من الذي قسم فتح في غزة, من الذي عمق الفلتان, من الذي ترك الأمور فاتحة على غاربها، هل هم أبناء غزة البسيطون, من الذي امتص رحيق غزة وداس عليها هل هم أبناء فتح هناك الطيبون النقيون أم قيادات منكم يا سادة تركوا غزة لتلاقي مصيرها المشئوم، حصار وألم وقهر وحرب وقصف واغتيالات وقمع وتكتيم أفواه واتهامات بالجملة وتحكم فيما نلبس ونأكل ونشرب وننكح, أليس هذا ما جنته أيديكم لغزة وتركتموها لتستذئب عليها كل نعاج الأرض, هل هذا مفهومكم للإخلاص والوطنية والشرف.

لقد تم إيقاف الترقيات بناءا على الشهادات العلمية، وكثر التمييز في الاستحقاقات، وكشوفات 2005 لا يعتبروا موظفين, كل هذا يعمق الفجوة بين شقي الوطن، فإخواننا في الضفة العاملين في السلطة الوطنية يأخذون مستحقاتهم وترقياتهم كاملة، وأيضا إخواننا العاملين في حكومة غزة يأخذون مستحقاتهم وترقياتهم كاملة، ووحدهم فقط أبناء فتح وموظفي السلطة في غزة تقف مستحقاتهم وترقياتهم وتثبيتهم منذ سيطرة حماس على قطاع غزة 2007, وكأنهم هم السبب في ذلك أو أنهم تلقوا قرار ولم ينفذوه،وكأنكم نسيتم أن قيادات الأجهزة الأمنية وبعض قيادات التشكيلات العسكرية تركوهم في اللحظات الحرجة وهربوا، أما أنت سيدي الرئيس فلم تشأ أن تسكب الدماء ولم تعطي قرارا بالمواجهة وأحمد الله على عدم إقرارك المواجهة، فكمية الدم التي سالت ستبقى وصمة عار على جبين كل من شارك في إسالتها بيده أو بقراره, لأنك وطني مسئول أهون عليك أن تزول السلطة من أن يهدر دم فلسطيني واحد, إذن لماذا يتحمل أبناء غزة وزر ما حدث، وإن كان هناك من يجب أن يكون مسئولا عن شيء فأمامك وحولك وبجانبك جيش من قيادات تلك المرحلة ما زالوا ينعمون بخيراتكم، لا هؤلاء الأبطال والطيبون والصادقون والمخلصون, فكر جيدا سيدي الرئيس ما ذنب جيش من المخلصين يقوده غير منتمي أن يعاقبوا، إن أردت أن تعاقب ولا بد فلا تعاقب غزة ولا تستثنينا ولا تشعرنا أننا ناقصون وإنما عاقب الفاسدين الذين افسدوا في غزة ويفسدون في الضفة وكرم أبنائك في غزة بأن ترد لهم حقوقهم وتعمل جاهدا لتصل شقي الوطن ولتعود إلى نصف قلبك الثاني غزة.

قبل أيام قليلة ونحن جميعا مشغولون بالمناداة والسعي والعمل لإنهاء الانقسام ظهرت مجموعة من شباب كشوفات 2005 وأقامت اعتصام في الجندي المجهول وحضر إلى هذا الاعتصام القاصي والداني ووعدوا خيرا، فيما بعد رفع المعتصمون خيمتهم، وتم تكليف لجنة من المجلس المركزي لإنهاء أزمتهم وأزمات كل أبناء فتح في غزة ولكن لا حياة لمن تنادي فلم يحدث شيء ولم يتخذ أي قرار ولم نسمع أي شيء بخصوص ذلك، بل بعد أن كانت تسمح لهم حماس بالاعتصام اصحبوا يطاردون ويهانون فحماس غير ملامة لأنها سمحت لهم بالاعتصام ولكنها وجدت قيادتهم لا تكترث لهم ووجدت أن وجودهم مثل عدمه فأنهته.

إن ما يحدث من إهمال وعدم اهتمام بملف غزة وأبناء غزة وموظفي غزة يدل على شيء واحد فقط أن خيار العودة إلى غزة غير مطروح ولا وارد لديكم، وإن كنت مخطئا فماذا ستقولون لأبناء غزة الشرفاء المظلومين والمضطهدين والذين تملك منهم الجوع والظلم والقهر وأنتم تشاهدون بل وتشاركون عندما تقفون أمامهم في غزة.

سيدي الرئيس عذرا أعلم أن الخلل والخطأ ليس من سيادتكم ولكن أمام الله وأمام الشعب وأمام أبناءك أنت المسئول، فهل يرضيك حالنا، وهل هانت عليك غزة، إن لم تستطع العودة إليها رغم محاولاتك المتكررة وتنازلاتك المستمرة لأجلها فاعمل على إصلاح حالها وحال أبناءها حتى يكتب الله لكم اللقاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق