الثلاثاء، 3 مايو 2011

المصالحة الفلسطينية ... جهد وتفاؤل

كنا نعلم أن فتح وحماس ذهبوا إلى القاهرة للحوار, وكالعادة توقعنا أن يكون فصل جديد من التسويف والمماطلة وحوارات غير مجدية, لأن النية الحسنة في السابق لم تكن متوفرة لعدة عوامل لست بصدد ذكرها الان, ولكن ما أن جاء خبر التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق المصالحة حتى نال الشك والريبة من معظمنا، ولم يستطع التفاؤل أن يشق طريقه إلى نفوسنا بسهولة حتى وإن رأيناهم يوقعوا فهم وقعوا قبل ذلك, ولكن هذه المرة تختلف المعطيات وهي غير خافية على أحد فالتغيير في الوطن العربي كان لابد أن يصلنا فنحن لسنا بمعزل عن محيطنا العربي لأننا جزء أصيل من تركيبته الاجتماعية والسياسية ومصابه مصابنا.
كما أن التحالفات السابقة والمحاور التي كانت تسيطر على المشهد العربي انهارت في معظمها فإيران الحليفة والداعمة لحركة حماس تقف اليوم موقف المعادي لدول الخليج ولا يجد مسئوليها غضاضة في أن يعلنوا أن الخليج العربي لطالما كان تابعا لإيران، وهذا الطموح الإيراني في المنطقة العربية ودعمها الشديد للتحركات الشيعية في الخليج وتحديدا في البحرين جعل دول الخليج العربي تلفظ إيران وتضعها موضع المعادي مما أدى إلى انحصار إيران وتراجع نفوذها في المنطقة العربية خاصة في ظل انشغال النظام السوري الحليف الأكبر لإيران بالاحتجاجات العنيفة والمطالبات بإسقاط النظام التي تدور في الداخل السوري مما جعله يغلق حدوده مع معظم جيرانه, هذه الاحتجاجات دفعت نظام الأسد يطلب من قيادة حماس في دمشق أن يكون موقفها واضح ولكن حماس لم ولن تستطع أن تكون معه ضد الشعب السوري حيث وضحت قيادات حماس أنهم مع النظام السوري ومع الشعب السوري وهذا في عالم السياسة لا يجوز ولم يقبله نظام الأسد, طبعا هل طلب الأسد من حماس مغادرة بلاده أم لا هذا لا يهمنا, ما يهمنا هو أن حماس وجدت لا بد من مغادرة سورية لاعتبارات واضحة واخرى خاصة بها, هذا في مجمله يوضح أن تحالفات الأمس سقطت ورهانات حركة حماس تبدلت.
على الطرف الآخر من المعادلة وبالنظر إلى المحور الآخر الذي كان يضم مصر والسعودية والأردن وما يسمى بمحور الاعتدال, فقد تغير نظام مبارك التي كانت تعتبره حركة حماس أنه منحاز إلى السلطة الفلسطينية وكان يناصب العداء إلى النظام السوري وإيران وجاء نظام جديد انتقالي عنوانه الجيش ومنذ أن استلم الجيش دفة الحكم في مصر أعلن أنه منفتح على الجميع وأن إيران لا تعتبر دولة عدو ويرغب بفتح علاقات معها, كما رحب النظام السوري بحكم الجيش وهذا أنهى فصلا طويلا من الصراع الخفي في المنطقة العربية.
إذن حماس وجدت انه لا حرج في أن تتوجه إلى مصر الجديدة بتركيبتها المقبولة لدى الجميع وتفتح معها باب حوار جديد بكل ما يتعلق بقطاع غزة خاصة معبر رفح, ووجدت قبولا وحوارا مختلف عن سابقه وشعرت أن النظام الحالي في مصر يقف على مساحة واحدة منها ومن حركة فتح, إضافة إلى أزمة الوجود في سورية وتبدل خارطة التحالفات وجدت حماس أن إنهاء ملف الانقسام أصبح لابد من انتهائه، فسنوات الانقسام لم تغير شيء وسنوات من الرهانات لم تقدم شيء وسنوات من العزلة لها وفي ذات الوقت الانفتاح الدائم على السلطة الفلسطينية من قبل الدول العربية والمجتمع الدولي, غير أنها ربما فقدت أكبر حلفائها العرب (سورية) وقد يترتب على ذلك فقدان الداعم الرئيس ( إيران ), لذلك ولاعتبارات وطنية أصيلة ذهبت حماس للتوقيع.
اليوم أوجه دعوة للتفاؤل، فالغالب يعتقد أن ما يتم تكتيك سرعان ما ينقضي إذا عاد التوازن إلى المنطقة وإلى خارطة التحالفات وهذا ما لا اعتقده فقادة حماس أكثر ذكاء من ذلك, فحين وضعوا على المحك مع سورية قررت الاستغناء عنهم وإن هدأت سورية وبقي نظام الأسد لن تعود حماس كما كانت ولن تسلم مقاليد أمورها مرة اخرى لسورية الحالية, كما أن البعض يتحدث عن وفاق مؤقت لاعتبارات الجغرافية والأمن وهذا أيضا مستبعد لأن فتح منذ فترة قررت عدم المراهنة على الداعم الأمريكي وشريك السلام الإسرائيلي, وقنعت أن الوحدة الوطنية هي طوق النجاة من كل ضار, وهذا ما بدأ ينمو في خاطر قيادات حركة حماس وقريبا سيصبح قناعة فهم جربوا كل شيء ولم يحققوا ما يمكن أن يحققوه في ظل الوفاق, وقد آن الأوان ليعودوا للوحدة.
معظم الكتاب والمثقفين كتبوا حول جدوى المساعدات الأمريكية والتلويح بقطعها وردوا بما يجب وأكثر, ولا أزيد غير أن الولايات المتحدة هددت في حال شارك الإخوان المسلمين في مصر بالحكم سوف تقطع المساعدات وبماذا ردوا المصريين بأن (اقطعوها) وحدتنا أبقى وأنفع من مساعداتكم، وسوف يشارك الإخوان وأنشأوا حزبا جديدا لخوض الانتخابات ولم تعقب الولايات المتحدة والتزمت الصمت لأنها علمت أن مصر الجديدة ترفض الاذعان والتبعية والفلسطينيون أولى من غيرهم برفض الخنوع والإذعان, وما يدعوا للطمأنينة أن السيد الرئيس وجه أكثر ما يزيد عن عشرة لاءات للولايات المتحدة وسيستمر طالما وجد أن المصالحة تتم على قدم وساق مع وجود نوايا حسنة ظاهرة من قبل الإخوة في حركة حماس.
أما فيما يتعلق ببعبعة نتنياهو وبيريز وليبرمان وغيرهم من طهابيب الاحتلال الإسرائيلي فلا فتح ولا حماس سوف تلقي بالا لها حتى إن قاطعوا الحكومة المقبلة فوحدتنا أهم, حتى إن قرروا عدم التفاوض فما الجديد هم ليس شريكا للسلام والجميع قانع بذلك, و إن قرروا اجتياح أو حرب هنا أو هناك فهذا قدرنا وواقعنا نحياه كل يوم, وأي خطوة سوف تتخذها الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيون لا تفاجئ أحد وإنما تثبت أنها ليست شريك للسلام.
إخواننا حركتي فتح وحماس إن الشعب يثمن خطواتكم ويباركها ويقف خلفكم بكل صلابة فمهما كانت النتائج المترتبة على الاتفاق نحن نقبل بها ونشكركم عليها حتى وإن كانت قطع مساعدات ووقف مفاوضات, سيروا على بركة الله فالتحدي أمامنا كبير والرهانات على فشلنا أكبر, فما لا يعلمه الاحتلال والولايات المتحدة أن عزيمتنا وإرادتنا تفوق قوتهم وتغنينا عن مساعداتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق